وجاءت قصة أخرى (١) في رجل من المشركين كان شديدًا على المسلمين، فنذرَ أحدُهم قتلَه، ثم جاء المشرك لِيُسلم، فكفَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - عن مبايعته مرارًا، ثم بايعه، فقال الناذر: إني نذرت ... القصة. وفيها أيضًا:"إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين".
فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُحِبُّ قتلَ الرجلين، إما لأنه قد سبق منهما من شدة الكفر [٢/ ٢٥٦] والإسراف ما أحبَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ينالهما عقابه في الدنيا والآخرة، كما قصَّ الله تعالى من دعاء موسى وهارون على آل فرعون:{رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ}[يونس: ٨٨].
وإما لمعنى آخر يُعلَم بالتدبر، وكأنه ألطَفُ من هذا. فقد أحبَّ - صلى الله عليه وسلم - قتل الرجلين، لكن كره أن يصرِّح بالأمر بذلك في تلك الحال، لئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل من جاءه تائبًا. فأما إذا قُتِلا بدون أمر جديد منه، فإنه
(١) أخرجها البيهقي في "دلائل النبوة" (٥/ ٦٠) من حديث أنس بن مالك. وأخرجها ابن سعد في "الطبقات" (٢/ ١٤١) عن سعيد بن المسيب مرسلًا نحوه. والرجل هو ابن أبي سرح المذكور، والناذر أحد الأنصار.