(٢) المصدر نفسه (٢٤/ ٧٣٦). (٣) رواية الأعمش عن أبي وائل معتمدة في «الصحيحين» لاختصاصه به، فلا يضره وجود شيء من التدليس في غير روايته عن أبي وائل. ولو تنطَّعنا في رد رواية مَن رمي بشيء من التدليس لرددنا رواية كثير من الأئمة كمالك والثوري وغيرهما. راجع رسالة الحافظ ابن حجر في مراتب المدلسين. وأما رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس فأقصى ما يكون من أمرها أن يكون أخذها عن مجاهد وابن جبير، وهما من خيار ثقات أصحاب ابن عباس، فاستندت إلى أقوى ركنين من أركان الرواة عن ابن عباس فزادت قوةً بما يُظن أنه يوهنها، ولذلك اعتمدها أئمة التفسير المأثور كابن جرير وابن أبي حاتم وغيرهما. والله أعلم. [م ع].
قلت: ما ذكر فضيلته في رواية الأعمش عن أبي وائل وجيهٌ، وكذلك رواية علي عن ابن عباس، إن ثبت أن بينهما مجاهد وسعيد [كذا]، ولكن أين السند بذلك؟ وما ذكره من اعتماد ابن جرير وابن أبي حاتم لروايته عن ابن عباس، فيه نظر، فإن مجرد الاعتماد على الرواية لا يدل على ثبوت إسنادها، لجواز أن يكون هناك ما يشهد لها من سياق أو سبب نزول، أو غير ذلك مما يسوغ به الاعتماد على الرواية مع كون إسنادها في نفسه ضعيفًا. على أنه ليس من السهل إثبات أن الإمامين المذكورين اعتمدا هذه الرواية في كل متونها، اللهم إلا إن كان المقصود بالاعتماد المذكور إنما هو إخراجهما لها، وعدم الطعن فيها، وحينئذ فلا حجة في ذلك لثبوت إخراجهما لكثير من الروايات بالأسانيد الضعيفة. وقد ذكرت بعض الأمثلة على ذلك من رواية ابن أبي حاتم في بعض تآليفي، منها قصة نظر داود عليه السلام إلى المرأة وافتتانه بها، وقصة هاروت وماروت، وقد خرَّجتهما في «سلسلة الأحاديث الضعيفة» برقم (٣١٤/ ١٧٠). على أنه لو سلمنا بما ذكره فضيلته من الاتصال، فلا يسلم السند إلى علي من كلام كما ذكره المصنف، مشيرًا بذلك إلى الضعف الذي عُرف به صالح كاتب الليث، ففي «التقريب»: «صدوق كثير الغلط، ثبْت في كتابه، وكانت فيه غفلة» [ن].