النصوص التي يرون أن معانيها باطلة، فيقولون: لو كان هذا الشرع حقًّا ما جاء بالباطل، والله تعالى أعزُّ وأجلُّ مِن أن يجهل أو يكذب، والأنبياءُ الصادقون لا يجهلون ربَّهم ولا يكذبون عليه. واعتذار ابن سينا باطل كما ترى.
فإن قيل: أما هذه المفسدة، فهي حاصلة على كل حال.
قلت: لكن إن كانت النصوص كما يقول المكذِّبون كانت تبعةُ هذه المفسدة عليها. فأما إذا كانت حقًّا ــ كما يقول السلفيون ــ فإن تبعة هذه المفسدة تكون على التعمُّقِ في النظر، وتقديمِ ما يلوح منه على الفطرة والعقول الفطرية وكلام الله وكلام رسوله. وبعبارة أخرى تكون تبعتُها على اتباع الهوى، وإيثاره على الحق، ويكون ذلك بالنظر إلى الشرع مصلحة.
الرابعة: حملُ أشدِّ المؤمنين إخلاصًا، وأقواهم إيمانًا بالله ورسوله، وألزمِهم اعتصامًا بالكتاب والسنة= على تضليلِ أو تكفيرِ من يُظهر خلاف ما دلَّتْ عليه تلك النصوص من «الخاصة»؛ وحملُ «الخاصة» على تجهيل أولئك المخلصين وتضليلهم والسخرية منهم.
ومن أعجب العجب أن الفريقين إذا علما ما في الافتراق في الدين من الفساد طلبا من الدين نفسِه الذي أوقعهما ــ على زعم المتعمقين ــ في الافتراق، وقد زجر عنه، أن يدلهما على المخلص، فلا يجدان إلا قول الله عز وجل:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}[النساء: ٥٩].
فيتداعى الفريقان إلى تحكيم الكتاب والسنة. فأما السلفيون، فيقولون: ذلك ما كنا نبغي. وأما «الخاصة»، فيعلمون أنهم إن أجابوا قضى الكتاب