روحية محضة، فكيف إذا جُمع لها الأمران معًا (١)؟ وإن أعيدت إلى أبدان ثم عُذِّبت بما هو من جنس الآلام التي كانت تَنْفِر عنها كان ذلك أبلغ في إيلامها من أن تعذَّب بآلام روحية محضة، فكيف إذا جُمع لها الأمران (١)؟
ومنها: تصديقُ وعد الله ووعيده وإخباره بالحساب والجنة والنار، وسائر ما يتعلق بالآخرة. وهذه الحكمة كافية لإبطال شبهة ابن سينا وموافقيه في أمر الآخرة، فإننا لو أعرضنا عن الحِكَم الأخرى واقتصرنا على هذه الحكمة لكفى، بأن نقول: هَبْ أن الأمر كما زعمتَ من أن الناس لا يؤثِّر فيهم الترغيب والترهيب، إلا إذا كان بما هو من جنس ما ألِفُوه واعتادوه في الدنيا من الأمور الجسمانية واللذات والآلام الجسمانية، فإن الحكمة إذًا اقتضت أن يقضي الله عز وجل وقوعَ ذلك وتحقيقَه لئلا يكون إخباره تعالى وإخبار رسله كذبًا، فإنه سبحانه يتعالى عن ذلك.
ولنقتصر على هذا القدر في الرد على مقالة ابن سينا في إنكاره الاحتجاجَ بالنصوص الشرعية، وننظر مقالاتِ من بعده. والله الهادي.
* * * *
(١) أي فإن ذلك أكمل وأكمل، وذلك هو الواقع. [المؤلف].