عن ابن الصلاح قال:«اختلّ في آخر عمره حتى كان لا يعرف شيئًا مما يُقرأ عليه. ذكر هذا أبو الحسن بن الفرات». والظاهر أن ابن الصلاح إنما أخذ ذلك مما ذكره الخطيب، ولا ندري من حدَّث الخطيب، ومع الجهالة به لا تثبت القصة، لكن ابن حجر شدَّها بأن الخطيب حكى في ترجمة أحمد بن أحمد السِّيبي أنه قال:«قدمت بغداد، وأبو بكر بن مالك حي .... فقال لنا ابن الفرضي: لا تذهبوا إلى ابن مالك، فإنه قد ضَعُف واختلَّ، ومنعتُ ابني السماع منه». وهذه الحكاية في «التاريخ»(ج ٤ ص ٤)، لكن ليس فيها ما في تلك المنقطعة مما يقتضي فحش الاختلاط، وقد قال الذهبي في «الميزان» بعد ذكر الحكاية الأولى: «فهذا القول غلوّ وإسراف».
[١/ ١٠٢] أقول: ويدل على أنه غلوّ وإسراف: أن المشاهير من أئمة النقد في ذلك العصر، كالدارقطني والحاكم والبرقاني، لم يذكروا اختلاطًا ولا تغيُّرًا.
وقد غمزه بعضهم بشيء آخر. قال الخطيب:«كان بعض كتبه غرق، فاستحدث نسخَها من كتاب لم يكن فيه سماعه، فغمزه الناس؛ إلا أنَّا لم نر أحدًا امتنع من الرواية عنه، ولا ترك الاحتجاج به. وقد روى عنه من المتقدمين الدارقطني وابن شاهين ... سمعت أبا بكر البرقاني سئل عن ابن مالك فقال: كان شيخًا صالحًا ... ثم غرقت قطعة من كتبه بعد ذلك، فنسَخَها من كتاب ذكروا أنه لم يكن سماعه فيه، فغمزوه لأجل ذلك، وإلا فهو ثقة». قال الخطيب: «وحدثني البرقاني قال: كنت شديد التنقير عن حال ابن مالك، حتى ثبت عندي أنه صدوق لا يُشكُّ في سماعه، وإنما كان فيه بَلَه. فلما غرقت القطيعةُ بالماء الأسود غرق شيء من كتبه، فنسخ بَدَل ما غرق من