الناس منه الكتب كلها قبل ذلك مرارًا، وأُخِذت منها عدة نسخ.
والذين ذكروا الاستنساخ لم يذكروا أنه روى مما استنسخه [١/ ١٠٣]، ولو علموا ذلك لذكروه؛ لأنه أبين في التليين وأبلغ في التحذير. وليس من لازم الاستنساخ أن يروي عما استنسخه، ولا أن يعزم على ذلك؛ وكأنهم إنما ذكروا ذلك في حياته لاحتمال أن يروي بعد ذلك عما استنسخه. وقد قال الخطيب في «الكفاية»(ص ١٠٩): «ومذاهب النقَّاد للرجال غامضة دقيقة، وربما سمع بعضهم في الراوي أدنى مغمز، فتوقف عن الاحتجاج بخبره، وإن لم يكن الذي سمعه موجبًا لردِّ الحديث ولا مسقطًا للعدالة. ويرى السامع أن ما فعله هو الأولى؛ رجاءَ إن كان الراوي حيًّا أن يحمله على التحفُّظ وضبط نفسه عن الغميزة، وإن كان ميتًا أن ينزِّله مَنْ نَقَل عنه منزلتَه، فلا يُلحقه بطبقة السالمين من ذلك المغمز. ومنهم من يرى أن من الاحتياط للدين إشاعةُ ما سَمِع من الأمر المكروه الذي لا يوجب إسقاط العدالة بانفراده، حتى يُنْظَر هل [له] من أخوات ونظائر ... ».
فلما ذكروا في حياة القطيعي أنه تغيّر، وأنه استنسخ من كتاب ليس عليه سماعُه، كان هذا على وجه الاحتياط، ثم لما لم يذكروا في حياته ولا بعد موته أنه حدَّث بعد تغير شديد، أو حدَّث مما استنسخه من كتاب ليس عليه سماعه، ولا استنكروا له رواية واحدة، وأجمعوا على الاحتجاج به كما تقدم= تبيَّن بيانًا واضحًا أنه لم يكن منه ما يخدش في الاحتجاج به.
هذا، وكتب الإمام أحمد ك «المسند» و «الزهد» كانت نسخها مشهورة متداولة قد رواها غير القطيعي، وإنما اعتنوا بالقطيعي واشتهرت رواية