وتحتوي الفصول الخمسة التي تعبتر تمهيدًا للكتاب على بيان أن السنة مدارها على النقل, ومدار النقل على أولئك الثقات الذين طعن فيهم الكوثري, وأن الغلوّ في الأفاضل من أوسع أودية الباطل, وأنه يؤدي إلى الطعن في الأئمة الآخرين وبيان حقيقة ما روي من المثالب في الإمام أبي حنيفة, وطريقة نقد الروايات في المدح والقدح, والموقف الحكيم تجاه ما أورده الخطيب من الحكايات في تاريخ بغداد, وبيان أن السنة لا يمكن الإحاطة بها, واجتهاد أصحاب الحديث في جمعها, وتشددهم في قبولها, ومنهج أهل الرأي والمتكلمين في رد الأحاديث الصحيحة التي تخالفهم وتكلفهم في تأويلها, واستنباطهم لأصول بمقابل أهل الحديث.
وقد قصد المؤلف بهذه الفصول بيان المنهج الذي يجب أن يسير عليه كل من يخوض في هذه الموضوعات, فالدفاع عن إمام أو عالم لا يتم بالغلو فيه والقدح في الأئمة الآخرين, وعلى الباحث أن يدرس الروايات وينقدها في ضوء أصول أهل الحديث, ولا يتبع قواعد أهل الرأي وأصول المتكلمين لرد الأحاديث الصحيحة أو تأويلها.
ومن الخصائص التي يتميز بها الكتاب: تحرير قواعد في علوم الحديث والجرح والتعديل بما لا يوجد مثله في عامة المؤلفات, منها: رمي الراوي بالكذب في غير الحديث النبوي, والتهمة بالكذب وأنها على وجهين, ورواية المبتدع وتفصيل القول فيها مع التحقيق, وبيان أن قدح الساخط ومدح المحب وغير ذلك في كلام العالم على وجهين, وهل يشترط تفسير الجرح؟ وذكر عشرة أمور يجب على من نظر في كتب الجرح والتعديل أن يراعيها, وإذا اجتمع جرح وتعديل فبأيهما يعمل؟ ومعنى قولهم: