للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

النسَّاج ... ». فذكر قصة غريبة، ثم قال الخطيب: «قلت: جعفر الخُلْدي ثقة، وهذه الحكاية طريفة جدًّا يسبق إلى القلب استحالتها. وقد كان الخلدي كتب إلى أبي نعيم يجيز له رواية جميع علومه، وكتب أبو نعيم هذه الحكاية عن أبي الحسن بن مِقْسَم عن الخُلْدي، ورواها عن الخلدي نفسه إجازة، وكان ابن مقسم غير ثقة. والله أعلم».

أقول: فقول أبي نعيم: «أخبرنا الخُلْدي في كتابه» أراد به أن الخلدي كتب إليه بإجازته له جميع علومه، فأما القصة فإنما سمعها من ابن مقسم عن الخلدي، وابن مقسم غير ثقة. فهذا أشدّ ما يقدح به في أبي نعيم، لكن لعله اغترَّ بما كان يظهره ابن مقسم من النُّسُك والصلاح، فظنه ثقة. فإن ابن مقسم ــ وهو أحمد بن محمد بن الحسن بن مقسم ــ ترجمته في «تاريخ بغداد» (ج ٤ ص ٤٢٩) وفيها: «حدثنا عنه أبو نعيم الحافظ، ومحمد بن عمر ... وكان يظهر النسك والصلاح، ولم يكن في الحديث بثقة». وقد تكلم الدارقطني وغيره في ابن مقسم. والله المستعان.

والحق أن أبا نعيم وضع من نفسه ومن كتبه، فجزاؤه أن لا يُعتدَّ بشيء من مروياته إلا ما صرَّح فيه بالسماع الواضح، كقوله في الحكاية المارة أول الترجمة: «حدثنا أبو أحمد الغِطْريفي». بخلاف ما استدل به الأستاذ (ص ١٠٧) وفيه عن أبي نعيم: «أخبرني القاضي محمد بن عمر وأذن لي». فإن هذه الصيغة مما يستعمله أبو نعيم في الإجازة، ومع ذلك فالقاضي محمد بن عمر هو الجِعَابي مُتكلَّم فيه.

ولكن كما أن لأبي نعيم اصطلاحًا خاصًّا في صيغة «أخبرنا»، فكذلك