للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وليس فيه كما ذكرت. فإن قال: قد قلت: «أو كلامًا هذا معناه» قالوا: لم تبيِّن أن هذا من عندك، ومع ذلك فعادتك التثبت الزائد حتى إذا سُئلت عن شيء أحلتَ على الكتاب، فكيف يُعقل أن تتساهل فيما تثبته في مصنَّفك!

هذا، وقد علمنا أن الأئمة وثَّقوا الخطيب وثبَّتوه، وبالغوا في إطرائه، ولم يعثر له المتعنِّتون على أدنى خلل في الرواية. وقد علمت محاولة ابن الجوزي الغضَّ من الخطيب، فلم يظفر بشيء من باب الرواية، وإنما تعنَّتَ في أمور أُخر قد مرَّ ما فيها. فمحاولة الأستاذ أن ينسب التغيير إلى الخطيب وأنه تعمده تَناوُشٌ من مكان بعيد.

قول الأستاذ: «أليس في روايتك: ما كان لصاحبك أن يتكلم ... فكيف تتصور ... ».

أقول: قد يكون هذا من جملة التغيير، ويكون الصواب في رواية ابن الجوزي من طريق ابن عبد الحكم (١): «ما كان على صاحبكم أن يتكلم». لكن في رواية الهروي من طريق الربيع: «قد رأيت مالكًا، وسألته عن أشياء، فما كان يحل له أن يفتي». وقد مرّ بيان أن كلمة «جاهلًا» في رواية الخطيب المراد به الجهل النسبي، وحاصله أنه دون مالك في العلم بالكتاب والسنة.

ومعروف عن أهل الرأي أنهم يؤكّدون أمر الرأي والقياس، ويقولون: مَن كان عنده من العلم بالكتاب والسنة ما يكفيه، وكان جيّد النظر في الرأي والقياس كان عليه أن يفتي. ومن كان ضعيف النظر في الرأي والقياس لم يكن له أن يفتي، وإن كان أعلم من الأول بالكتاب والسنة.


(١) (ط): «عبد الحكيم» تحريف.