من حفظه بما ليس في كتبه، مع ذلك كان الرجل إذا روى عن أحد هؤلاء ما ليس في كتبه أنكر الناس عليه ذلك قائلين: ليس هذا في كتب ابن أبي عروبة، ليس هذا في كتب وكيع؛ حتى تناول بعضهم يحيى بن معين إذ روى عن حفص بن غياث حديثًا لم يوجد في كتب حفص، كما تقدم في ترجمة حسين بن حميد (١). فما بالك بالمتأخرين الذين إنما يروون من الكتب! فما بالك بمثل الخطيب الذي قد عُرف أنه إنما يروي بذاك السند من كتاب يعقوب!
فإذا لم يطعن أحد في شيء يرويه الخطيب بطريق ابن درستويه عن يعقوب، ولا قال أحد: هذه الحكاية ليست في «تاريخ يعقوب»، ولا: هذا السياق مخالف لما في «تاريخ يعقوب» بزيادة أو نقص أو تغيير= فقد ثبت بذلك وبغيره صحةُ نسخة الخطيب وثبوتُ ذلك عن يعقوب.
وهكذا لم يطعن أحد في شيء رواه ابن درستويه عن يعقوب بأنه ليس في كتاب يعقوب إما البتة وإما بذلك السياق، فظهر بهذا أن كلَّ ما رواه ابن درستويه عن يعقوب فهو ثابت في كتاب يعقوب. وبهذا يتبين أن محاولة القدح في كل الحكايات التي يرويها الخطيب من طريق ابن درستويه عن يعقوب بمحاولة الطعن في ابن درستويه تعبٌ لا يجدي ولا يفيد، ولا يبدئ ولا يعيد. ومع ذلك فلننظر في حال ابن درستويه.
قال الأستاذ (ص ٣٥): «كان يحدِّث عمن لم يدركه، لأجل دريهمات يأخذها، فادفع إليه درهمًا يصطنع لك ما شئت من الأكاذيب! وروايته عن الدوري ويعقوب