للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصواف عن عبد الله بن أحمد عن أبيه، وسمع بهذا السند نفسه حديثين مفردين، فألحقهما في «المسند».

وهذا الاحتمال أقرب من الأول، وعليه فلم يكن من أبي الحسن وضعٌ ولا افتراء. ويبقى النظر في صورة إلحاقه، فإن كان إنما علَّقهما في الحاشية على سبيل الفائدة الزائدة لا على إيهام أنهما من «المسند»، فهذا لا محذور فيه أصلًا. وإن كان أدرجهما في «المسند» موهمًا أنهما منه، فقد أساء، إلا أنه لا يكون ذلك وضعًا للحديث وافتراءً له. وإنكار الحفاظ وكتابة المحضر وقول ابن رزقويه: «وضع ... في (مسند أحمد)» يدلُّ أن الواقع لم يقتصر على الكتابة في الحاشية بدون إيهام.

وقد وقع التقصير من الجانبين؛ قصَّر الأزهري عن تفصيل القضية، فلم يذكر ما هما الحديثان، وما قال الحفّاظ؟ وقصَّر محدّثو الحنابلة، فلم يراجعوا عند كتابة المحضر، ولم ينقلوا بيان الحال إن كان الواقع على وجه لا يضرُّ صاحبَهم أبا الحسن. فلو ساغ لابن الجوزي أن يتهم الخطيبَ بالميل لساغ لمن يدافع عن الخطيب أن يقول: لو كان هناك ميلٌ لتداركه محدثو الحنابلة في عصر الخطيب عندما سمعوا ما ذكره الخطيب في «تاريخه». ولعلهم كانوا قد علموا بالقضية، أو سألوا عنها، فعرفوها، ورأوا أن السكوت عنها أولى؛ لأن ذكرها مفصلةً لا ينفع صاحبهم، بل لعله يكون أضرَّ عليه.

وقد كان ابن الجوزي قريبًا من عصر الواقعة، فإن لم يعتن بالبحث عنها والسؤال فقد قصَّر. وإن بحث وسأل، فعرفها، فما باله اقتصر [١/ ٣٢٨] على التجويزات البعيدة والتجنِّي على الخطيب؟ ولا يُظَنُّ به أنه بحث وسأل، فلم