تحتوِ الكتب المؤلفة في الصحابة عُشْرَ معشار ذلك». فإذا لم ينص [١/ ٤٠٠] المتقدّمُ على صحبة رجل، فاستدركه مَنْ بعده، لم يكن في ذلك ما يريب في صحبته.
ثم قال الأستاذ:«وربما يعذرنا إخواننا الشافعية ... ».
أقول: لا ريب أنهم إذا عرفوا الأستاذ وما يقاسيه من ذات نفسه يعذُرونه في أنفسهم ويرحَمونه، وإن كان ذلك لا ينفعه عند الله عز وجل!
وقد ضجَّ الأستاذ (ص ١٨) مما روي عن يزيد بن زُرَيع: «كان أبو حنيفة نبطيًّا». فقال الأستاذ:«ومن ساق هذا الخبر الكاذب ليطعن في نسبه، فهو لم يزل على خلال الجاهلية» مع أن الأستاذ يعرف من مذهبه أن العجم أكفاء بعضهم لبعض من جهة النسب، وليسوا أكفاء للعرب، وأن سائر العرب ليسوا أكفاء لقريش، ولعل النبط أقرب إلى الشرف الديني من الفرس!
وقال الكوثري (ص ٤) من «التأنيب»: «ومن تابع الشافعيَّ قائلًا: إنه قرشي، فله ذلك؛ لكن هذه الميزة لا توجب الرجحان في العلم. وفي «صحيح مسلم»(١): «من أبطأ به عملُه لم يسرع به نسبُه». على أن هناك من العلماء من هو قرشي باتفاق، فيفضَّل على مَن في قرشيته خلاف، لو كان هذا الأمر بالنسب».
أقول: قد علمتَ الإجماع على نسب الشافعي مع الحجج الأخرى. فأما أن هذه الميزة لا توجب الرجحان في العلم، فإن أراد أنه لا يجب أن يكون كلُّ قرشي أعلم من كلِّ أعجمي مثلًا، فهذا حق لا يشتبه على أحد.