للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أيَّ صحابي كان ــ أن يقول: إن ذلك تحرٍّ بالغ. بل من يردّ السننَ كلّها سوى المتواتر، بل من يرد المتواتر أيضًا، فيقول: إن التحرّي البالغ يقضي أن لا يُنسب إلى شرع الله إلا ما نصّ عليه كلامه. بل من يردّ الدلالات الظنية من القرآن، ويردّ الإجماع، ولم يُبق إلا الدلالات اليقينية من القرآن (١)، وشيوخ الأستاذ من المتكلمين ينفون وجودها، كما يأتي في (الاعتقاديات) (٢) إن شاء الله تعالى. فأما القياس فهو بأن يسمّى إلغاؤه تحريًّا واحتياطًا في دين الله أولى من ذلك كلّه، فإنه بالنسبة إلى ذلك كما قيل:

ويذهبُ بينها المرئيُّ لغوًا ... كما ألغيتَ في الدية الحُوارا (٣)

والمقصود هنا أن منزلة أنس رضي الله عنه عندنا غير منزلته التي يجعله الأستاذ فيها، فلا غرو أن يزعم الأستاذ أنه ليس في كلامه فيه ما يُنتقد! وفي "فتح الباري" (٤) في باب المصرَّاة: "قال ابن السمعاني (٥) في "الاصطلام": التعرض إلى جانب الصحابة علامة على خذلان فاعله، بل هو بدعة وضلالة". ذكر ذلك في صدد ردّ كلام بعض الحنفية في رواية أبي هريرة


(١) كذا، والكلام مفهوم، وتقديره: يزعم أيضًا أنه تحرٍّ بالغ.
(٢) (٢/ ٣٣٦، ٥٠٣).
(٣) من قصيدة لذي الرمة في هجاء هشام بن قيس المرئي. انظر "ديوان ذي الرمة" (١٣٧٩)، و"الأمالي": (٢/ ١٤١).
(٤) (٤/ ٣٦٥).
(٥) هو أبو المظفر منصور بن عبد الجبار. كان أهل بيته حنفية، ونشأ على ذلك، ومهر في المذهب، ثم تشفَّع تديّنًا. وترجمته في "طبقات ابن السبكي" (ج ٤ ص ٢١). وقد أسرف الشافعية في التبجّح بذلك كما تراه هناك. [المؤلف].