وقد بالغ بعض العلماء في التسميات حتى أوصلها بعضهم إلى نيف وتسعين اسما، ويبدو أنهم لم يفرقوا بين الأسماء والصفات، واعتبروا كل لفظة وردت في إطار الدلالة على القرآن من أسماء القرآن، وهذا أمر مبالغ فيه، ولو اقتصروا على الأسماء التي استعملها القرآن وأراد بها تسمية القرآن لكان أولى.
[القرآن ولغة العرب:]
نزل القرآن بلغة العرب، ولا تجوز قراءة القرآن بغير لغة العرب لقوله تعالى:
إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا (١)، وذهب معظم العلماء إلى أن القرآن ليس فيه ما هو خارج عن لغة العرب، لأنه تحدى العرب بأسلوبه وكلماته وصياغته، وبلاغته وفصاحته، ولو اشتمل على غير لغة العرب لما تحقق ذلك الإعجاز الأسلوبي، وقال أبو عبيد: من زعم أن في القرآن لسانا سوى العربية فقد أعظم على الله القول، وقال ابن عطية في مقدمة كتابه في التفسير: بأن العرب الذين نزل القرآن بلغتهم كانت لهم مخالطة لسائر الألسن، بسبب تجاراتهم ورحلاتهم، فدخلت بعض الكلمات الأعجمية في العربية، واستعملها العرب بعد إدخال تغييرات فيها تخفف من ثقل العجمة، حتى جرت مجرى العربي الفصيح، ووقع بها البيان، وأصبحت عربية.
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام:«والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا، وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء، إلا أنها سقطت إلى العرب فعرّبتها بألسنتها، وحولتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية، ثم نزل القرآن، وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب، فمن قال إنها عربية فهو صادق، ومن قال أعجمية فصادق».
ونزل القرآن بلغة قريش، وحكي عن أبي الأسود الدؤلي أنه نزل بلسان الكعبين كعب بن لؤي جد قريش، وكعب بن عمرو، جد خزاعة، وقال أبو عبيد