ذهب بعض العلماء إلى أن الإعجاز شيء لا يمكن التعبير عنه فهو يدرك ولا يمكن وصفه، كالملاحة واستقامة الوزن، تدرك ولا يمكن وصفها، وتدرك بالفطرة السليمة وبإتقان علوم المعاني والبيان وهذا الاتجاه يعتبر الإعجاز أمرا يدرك بالذوق السليم والعلم الصحيح، وتدركه الفطرة، ويشعر فيه الإنسان بالفرحة والسرور.
قال أبو حيان التوحيدي في البصائر:
لم أسمع كلاما ألصق بالقلب وأعلق بالنفس من فصل تكلم به بندار بن الحسين الفارسي، وكان بحرا في العلم، وقد سئل عن موضع الإعجاز من القرآن فقال: هذه مسألة فيها حيف على المفتي وذلك أنه شبيه بقولك: ما موضع الإنسان من الإنسان، فليس للإنسان موضع من الإنسان، بل متى أشرت إلى جملته فقد حققته ودللت على ذاته، كذلك القرآن لشرفه لا يشار إلى شيء منه إلا وكان ذلك المعنى آية في نفسه ومعجزة لمحاوله وهدى لقائله، وليس في طاقة البشر الإحاطة بأغراض الله في كلامه وأسراره في كتابه فلذلك حارت العقول وتاهت البصائر عنده (١).
[خامسا: الإعجاز بالإخبار عن الغيب:]
ذهب البعض إلى أن الإعجاز يتمثل في إخبار القرآن عن الغيب كقوله تعالى في أهل بدر: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ، وردّ العلماء على هذا القول بأن الآيات التي لا خبر فيها لا إعجاز فيها وهذا رأي باطل ...
[سادسا: الإعجاز بكل ذلك:]
وهذا القول يعتبر الإعجاز القرآني لا ينحصر في أسلوب أو نظم أو إخبار بغيب أو بما يتركه في النفس من أثر، فالإعجاز شامل وكامل، وهو معجز بكل