بعد الانتهاء منها إلى استخراج العبرة منها، وأحيانا يبتدئ القصة بذكر العبرة منها.
ويؤكد هذا ما جاء في بداية قصة يوسف: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ [يوسف: ٧]، وهذا بيان وتوضيح لأسباب عرض القصة في القرآن، فالقصة ليست مرادة، ويراد بها بيان الآيات التي تؤكد نبوة الأنبياء، وأن الله تعالى أعدهم لأمر وتكفل بأمرهم وجاء هذا في قوله تعالى: وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف: ٢١]، وجاء هذا المعنى واضحا في قصة موسى وفرعون في سورة القصص في قوله تعالى: وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ (٥) وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ [القصص: ٥ - ٦].
وكثيرا ما تأتي الآيات في القصة موضحة العلة من إنزال العلة في الظالمين، كما في قوله تعالى في حق فرعون: وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ (٣٩) فَأَخَذْناهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [القصص: ٣٩ - ٤٠].
وهذا يؤكد خصوصيات القصة القرآنية من حيث الموضوع ومن حيث الأسلوب ومن حيث الغاية والهدف، وأهم خصوصياتها تداخل القصة بالحكم والعبر المستفادة منها، حيثما دعت الحاجة إلى ذلك في بداية القصة أو في نهايتها، أو على لسان شخصيات القصة أثناء الحوار.
ونخلص من هذا أن القصة في القرآن هي إحدى أبرز معاني الإعجاز، من حيث إخبارها عن الأمم السابقة مما لم يكن معلوما أو من حيث وضوح الالتزام بالأهداف القرآنية، أو من حيث الأسلوب البليغ المؤثر في إحداث الغاية المطلوبة من عرض القصة ...
[روعة الوصف في القصة القرآنية:]
لو تتبعنا قصة مريم في القرآن لوجدنا أروع نموذج لدقة الوصف، وتصوير