للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على حرف واحد اجتمعوا على ذلك اجتماعا سائغا وهم معصومون أن يجتمعوا على ضلالة، ولم يكن في ذلك ترك لواجب ولا فعل لمحظور، وقال بعضهم:

إن الترخيص في الأحرف السبعة كان في أول الإسلام لما في المحافظة على حرف واحد من المشقة عليهم أولا فلما تذللت ألسنتهم بالقراءة وكان اتفاقهم على حرف واحد يسيرا عليهم وهو أوفق لهم أجمعوا على الحرف الذي كان في العرضة الأخيرة» (١).

[أول من ألف في القراءات:]

وأول من قام بجمع القراءات وضبطها في كتاب هو أبو عبيد القاسم بن سلام المتوفى سنة ٢٢٤ هـ، وقام بهذا العمل العظيم بعد أن تعددت القراءات وكثر القراء، وخاف من فتنة وفوضى واضطراب، فتصدى لهذا العمل العظيم، حيث قام بضبط بعض القراءات، وجمع خمسا وعشرين قراءة، ثم جاء بعده أحمد بن جبير الكوفي سنة ٢٥٨ هـ، وجمع خمس قراءات من كل مصر، ثم جاء بعد ذلك القاضي إسماعيل بن إسحاق المالكي فألف كتابا في القراءات وجمع فيه عشرين قراءة، ثم جاء بعد ذلك الإمام أبو جعفر محمد بن جرير الطبري المتوفى سنة ٣١٠، فألف كتابه الجامع، وجمع فيه أكثر من عشرين قراءة، ثم تتالت المؤلفات والمصنفات في القراءات، ثم انتقلت هذه القراءات إلى الأندلس في أواخر القرن الرابع، وكان أبو عمر أحمد بن محمد الطلمنكي مؤلف كتاب «الروضة» أول من أدخل القراءات إلى الأندلس ثم تبعه مكي بن أبي طالب القيسي مؤلف التبصرة، ثم الحافظ أبو عمرو الداني مؤلف التيسير وجامع البيان (٢) ...

ثم استمرت حركة التأليف في القراءات، ولم ينكر أحد على أحد قراءته ما دامت تلك القراءة خاضعة للمقاييس التي وضعها علماء القراءات، من حيث موافقتها للمصاحف العثمانية وثبوت نقلها عن القراء الثقات الذين نقلوها عن الصحابة ...

ورد «ابن الجزري» في كتابه «النشر» على من حدد القراءات بعدد أو اعتبر أن


(١) انظر نفس المصدر، ج ١، ص ٣١ - ٣٢.
(٢) انظر النشر في القراءات العشر، ج ١، ص ٣٤.

<<  <   >  >>