وهذه الخصائص تجعل مهمة المفسر محددة ومنضبطة، فلا يملك أن يخرج عن حدود مهمته، سواء من حيث ارتباطه بالاتباع والسماع أو من حيث وقوفه عند حدود بيان معاني الألفاظ والمفردات، وظاهر هذا التقييد يفيد أن المهمة البيانية للمفسر لا تؤهله لدور الاستنباط الذي يتطلب جهدا يتجاوز حدود البيان، والاستنباط هو غاية المفسر، وبخاصة فيما يتعلق بآيات الأحكام.
[ثانيا: خصائص التأويل:]
١ - موطن التأويل في المعاني والجمل.
٢ - غاية التأويل تفسير باطن اللفظ وإخبار عن حقيقة المراد.
٣ - التأويل يعتمد على الترجيح ولا مجال للقطع فيه.
٤ - التأويل يتعلق بالدراية.
وهذه الخصائص تجعل التأويل مرحلة متقدمة في التفسير ولا يستغنى عنه، لأنه يتعلق بالمعاني والجمل، ولأنه يكشف عن حقيقة المراد، وهذا الاختلاف في تعريف كل من التفسير والتأويل يؤكد غموض المعنى المراد بالتأويل، والحرص على أن يظل كل من التفسير والتأويل ملازما للآخر ومتتمما دوره في بيان المعاني الغامضة وكشف النقاب عن المراد.
وبالرغم من وضوح الخصائص لكل من التفسير والتأويل، فإن التداخل بين اللفظين واضح، ومن الصعب وضع معيار دقيق يحدد مواطن التفسير والتأويل، وما يعتبر من التفسير وما يعتبر من التأويل.
ولعل هذا هو السبب الذي دفع طائفة من العلماء إلى القول بأن كلا من التفسير والتأويل يدلان على معنى واحد.
ومع هذا، فإن السليقة العربية التي تعتبر حجة في دلالات الألفاظ والاستعمالات اللغوية لتلك الألفاظ، ومواطن وكيفيات استعمال القرآن للفظة التأويل تجعلنا نقف أمام لفظة التأويل مستوحين منها معاني ودلالات ليست هي نفس الدلالات المستوحاة من لفظة التفسير، فالمعنى البياني واضح في لفظة