والمعلولات بالعلل لا يحتاج إلى كثير جهد لوضوح أوجه العلاقة والترابط، وما كان ظاهر الانقطاع والانفصال بين الآيات يحتاج إلى عمق نظر وحسن تأمل، لإدراك وجه العلاقة واكتشاف ما غمض من أوجه الترابط.
ومن العوامل الأساسية في فهم أوجه المناسبة بين الآيات والسور أن يحيط المفسر بالقرآن، وأن يستوعب مقاصده وغاياته، وأن يفهم أغراضه وأساليبه، وأن ينظر للقرآن نظرة شمولية متكاملة، بحيث تكتشف التوجهات القرآنية، وتعلم أساليب القرآن في التربية والتوجيه.
[ارتباط علم المناسبة بأسباب النزول:]
ويرتبط علم المناسبة ارتباطا واضحا بأسباب نزول القرآن، وبالبيئة التي نزل بها القرآن، وبطبيعة المخاطبين بالخطاب القرآني، ولا بد من معرفة المكي والمدني من الآيات، لأن علم المناسبة يتطلب الإحاطة بكل ما يتعلق بالخطاب.
ولا بد من توفر شروط أهمها:
- معرفة جيدة بالقرآن، لأن ذلك هو الأساس في إدراك أوجه الترابط بين الآيات والسور.
- معرفة بأساليب اللغة العربية، لأن القرآن نزل بلغة العرب، وراعى ما كان سائدا عندهم من أوجه البيان والتعبير.
- معرفة السيرة النبوية، لأنها هي الأساس في تفسير القرآن، وفي فهم ما ورد فيه من أحكام، وما اشتمل عليه من معان وتوجيهات.
- قدرة ذاتية على التماس أوجه التشابه والترابط والتناسب بين الآيات، وهذه القدرة تحتاج لاستعداد ذاتي.
وفسر السيوطي في الإتقان والزركشي في البرهان معنى المناسبة بين الآيات بأن ذكر الآية بعد الأخرى إما أن يكون ظاهر الارتباط لتعلق الكلم بعضه على بعض على وجه التفسير والتأكيد، وإما ألا يكون ظاهر الارتباط، فعندئذ لا يخلو الأمر من وجود عطف مؤكد لوجود جهة جامعة أو لا يكون هناك عطف، وعندئذ