وأشار الخطابي في كتابه «بيان إعجاز القرآن» إلى تأثير القرآن على النفوس، فإذا سمعه المؤمنون خروا سجدا وبكيا، واستقرت نفوسهم واطمأنت قلوبهم لكلام الله، وأصابهم من مشاعر الروعة والبشرى ما جعلهم في أمن نفسي وروحي.
وقال «الخطابي» في ذلك مشيرا إلى عظمة المعجزة القرآنية وشمولها (١):
«قلت في إعجاز القرآن وجها آخر ذهب عنه الناس، فلا يكاد يعرفه إلا الشاذ من آحادهم .. ويتمثل هذا الجانب في صنيعه في القلوب وتأثيره في النفوس، فإنك لا تسمع كلاما غير القرآن منظوما أو منشورا إذا قرع السمع خلص له إلى القلب من اللذة والحلاوة في حال، وفي الروعة والمهابة في أخرى، ما يخلص من القرآن إليه» وأورد أمثلة من تاريخ الدعوة تؤكد عظمة هذا الدور المؤثر، فكم من أعداء للإسلام لما سمعوا القرآن اهتزت قلوبهم وتحولوا من عداء إلى إيمان ودخلوا في الإسلام وحسن إسلامهم.
الإعجاز عند الرمّاني:
ركز «الرماني» المتوفى سنة ٣٨٢ هـ وكان معاصرا للخطابي على الجانب البلاغي في القرآن، واعتبر البلاغة من أهم مظاهر الإعجاز، وهناك علاقة بين البلاغة والتأثير النفسي، فالبلاغة ليست مقصودة لذاتها، وإنما هي أداة لإيصال المعنى إلى القلب في أحسن صورة من اللفظ، وأورد «الرماني» الخصوصيات البلاغية في القرآن، كالإيجاز والتشبيه والاستعارة والتجانس والمبالغة والتعريف، وأورد شواهد من القرآن تؤكد عظمة الأسلوب البلاغي في القرآن، مبرزا جانب الإعجاز البلاغي ...
وقال في ذلك:
«وجوه إعجاز القرآن تظهر من جهات ترك المعارضة مع توفر الدواعي وشدة الحاجة، والتحدي للكافة، والصرفة والبلاغة والإخبار عن الأمور المستقبلة