أولا: الإيضاح بعد الإبهام: قال أهل البيان: إذا أردت أن تبهم ثم توضح فإنك تطنب، وفائدته رؤية المعنى من صورتين مختلفتين، الإبهام والإيضاح، أو لتمكّن المعنى في النفس تمكنا زائدا، كقوله تعالى: رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي، فكلمة «اشرح» هي طلب لشرح شيء ما، «وصدري» هي التفسير والإيضاح لمعنى الشرح، وكذلك قوله تعالى: وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً [المعارج: ١٩ - ٢١] .. وكلمة «إذا مسه الشر» هو تفسير لكلمة «هلوعا»، وقوله تعالى: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ [البقرة: ٢٥٥]، فكلمة «لا تأخذه سنة» هي تفسير لكلمة «القيوم»، فالقيوم لا تأخذه سنة ولا نوم.
ثالثا: عطف العام على الخاص، وعطف الخاص على العام، كقوله تعالى في سورة البقرة: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى فالصلاة الوسطى معطوفة على العام، وداخلة ضمن لفظة الصلوات، وكقوله أيضا في سورة الأنعام: إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي والنسك أعم من الصلاة، وهذا من عطف العام على الخاص.
وهناك صور أخرى اعتبرها السيوطي من أنواع الإطناب، كالإيغال والتذييل والطرد والعكس والتكميل والتتميم والاستقصاء والاعتراض والتعليل، ولكل صورة معنى خاص بها، وكلها تدخل ضمن أنواع الإطناب، ويبدو أن كلمة الإطناب ليست دقيقة في هذا المجال، فالإطناب كما يدل عليه لفظه هو الزيادة في الكلام أو بسطه، وهو خلاف الإيجاز، ولا يعتبر التفسير والتوضيح من الإطناب بهذا المفهوم، ولو حذفت الكلمات التفسيرية والتوضيحية لوقع الخلل في المعنى.