العقل ويتنافى مع الفضيلة فهو حرام على وجه التأكيد، وما يرتضيه العقل ويقره العرف ولا يتنافى مع الفضيلة فهو جائز ومباح.
[العناية بالمصاحف ومراحل تحسينه:]
كان المصحف العثماني الإمام هو أول مصحف اكتمل جمعه وترتيبه وإعداده بصورته النهائية، وبعد أن أجمعت الصحابة على قبوله نسخت منه عدة نسخ أرسلت إلى الأمصار الرئيسية لكي تكون المصحف المعتمد.
ومنذ ذلك اليوم بدأت المصاحف تنسخ، ويدخل عليها من أنواع التحسين والتجويد ما يجعلها في متناول القراء، من حيث تعدد خطوطها والتفنن في إدخال التحسينات
التي تيسر قراءتها، وإدخال النقط والشكل لضبط الألفاظ والمفردات، حتى لا يقع أي اختلاف في النقط أو تباين في ضبط الكلمات.
وكانت مسيرة التجويد والتحسين منسجمة مع حركة المجتمع الإسلامي وتطوره، فقد كانت الدولة بسيطة المعالم في المدينة، عكفت في أيامها الأولى على تثبيت أركان العقيدة، ومواجهة خصومها، ثم اتسعت اهتماماتها، ونمت مطامحها، وامتد سلطانها في مشرق ومغرب، وكان لا بد من مواكبة هذا التطور بتنظيم محكم، وإعداد سديد، واهتمام بمظاهر العمران الذي يجسد عظمة الدولة واستقرارها، ويؤكد استجابة شعبها لما تتطلبه الحضارة من اهتمام بأساليب التطوير والتحسين، من تنظيم للجيوش، وإنشاء لدواوين المال والإدارة والجند، واهتمام بقضايا الفكر والثقافة، وتدوين للعلوم.
وأول ما انصرف الاهتمام به العناية بكتاب الله، شرحا لآياته، وتوضيحا لأحكامه، وتفسيرا لمفرداته، وبيانا لأسباب نزوله، وتدوينا لتاريخه، وتجويدا لخطوطه، وضبطا لألفاظه، لئلا يقع أي التباس في كلمة من كلماته.
وأول مظاهر هذا التحسين إدخال النقط والشكل فيه، لضبط النطق به، لئلا يقع فيه تحريف أو تبديل، أو لحن أو ما يشبه اللحن، ولم يكن مصحف عثمان منقطا أو مشكولا، ربما لعدم معرفة العرب بالنقط في ذلك الحين، أو لإمكان