أولا: أن يكون المعنى مما يمكن استنباطه من النص، ومما تدل عليه اللغة من دلالات ومعاني، والتأويل الذي لا تفيده اللغة لا يمكن الاعتداد به وقبوله، لأنه لا سند له من اللغة، وكيف يستنبط معنى من لفظ لا يدل عليه ولا يفيده، ومن حقنا أن نطرح على صاحب التأويل سؤالا يبين لنا فيه وجه الاستدلال وكيفية الاستنباط، ولا بد له من دليل حسي على ذلك، ولو وقع التسامح في هذا الشرط لأدى ذلك إلى انحراف مؤكد.
ثانيا: أن يكون المؤول عالما باللغة عارفا قواعدها ملما بمعاني الألفاظ، مستوعبا ما قاله العرب في معانيها ودلالاتها، لأن التأويل سواء اتفق في دلالته مع التفسير أو اختلف معه، لا يمكن أن يكون بمعزل عن المعاني المستفادة من الألفاظ، ولا يمكن للتأويل أن يكون مجرد عبث، ولو سلمنا بوضوح معنى الإلهام في التأويل، فهذا الإلهام يعبر عن قدرة المؤول في توجيه الألفاظ القرآنية نحو معاني خفية ليست مدركة لدى المفسر، ويمكن إدراكها بقوة التأويل ودقة صاحبه، بحيث يلتفت الذهن إلى أهمية المعنى المستنبط من تلك الألفاظ.
ثالثا: استقامة المؤول وسلامة عقيدته، وهذا الضابط غايته ضبط حركة الفكر لكي تكون صحيحة المنطلق صادقة التعبير عن رؤية فكرية، نزيهة في تجسيدها لقدرات الإنسان على استلهام معان دقيقة يعجز عنها المفسر الذي يتوقف غالبا عند حدود المعاني المتبادرة إلى الذهن الواضحة الدلالة.
رابعا: أن يكون الحكم المستنبط عن طريق التأويل واضح الانسجام مع التصور القرآني العام في إقراره لمبادئ الإسلام وعقيدته وأن يكون مؤكدا لقيم إسلامية ثابتة، داعيا إلى ترسيخ معاني العقيدة في النفوس، فإذا كان التأويل مناقضا لعقيدة الإسلام ناسخا لأحكام ثابتة في القرآن، مشوها مبادئ الفطرة الإسلامية مشجعا نمو عقائد منحرفة فهذا تأويل واضح البطلان لأمرين:
الأمر الأول: آثاره الضارة على الفكر الإسلامي، وإثارته للفتنة، ودعوته إلى فساد العقيدة.