لا خلاف بين العلماء في أن الإعجاز القرآني يتمثل في أسلوب القرآن، ودقة ألفاظه، وذلك التوافق والانسجام بين اللفظ والمعنى المراد، بحيث يصور اللفظ المعاني أدق تصوير، بحيث تبرز عظمة القرآن في روعة ألفاظه وجمالها، وذلك التناسق العجيب بين اللفظ والمعنى، والتكامل والترابط بين الألفاظ، بحيث تكون اللفظة اللغوية معبرة أدق تعبير عن المعنى المراد، ولو وقع أي إبدال أو تغيير في الألفاظ المترادفة لاختلت المعاني واضطرب الأسلوب.
إن كل لفظة في القرآن تعبر عن الإعجاز وتمثل جانبا من جوانبه وتصور عظمة الأسلوب القرآني، ولا مجال لإبدال كلمة بأخرى أو لفظة بما يماثلها، إذ لكل لفظة موسيقاها الخاصة بها من حيث موقعها من الكلام، ومن حيث دقة تعبيرها عن المعنى المراد.
وإبدال لفظة بأخرى ولو كانت مماثلة للمعنى، تخل بالمعنى العام، وتوجد حالة من التوقف في ذلك النسق القرآني، وكأن الآية ليست هي الآية، وكأن المعنى ليس هو المعنى، فالقرآن وحدة متكاملة، من حيث ألفاظه ومعانيه ورسمه وأداؤه، ولو كتب بغير الرسم القرآني لما أدى نفس المشاعر التي يولدها الرسم القرآني في كيفية تعبيره عن الكلمات القرآنية.
ولا يتصور من الناحية العقلية أو الفعلية أن تقع ترجمة القرآن من اللغة العربية إلى لغة أخرى، فالترجمة جهد بشري، ويقع التفاوت فيه، من حيث اختيار المفردات، ولهذا تتعدد الترجمة وتتباين ألفاظها، ويختلف الحكم عليها من حيث الدقة والضبط. وإذا كان من العسير على المفسر في نطاق اللغة العربية أن يستبدل لفظة قرآنية بما يماثلها أو يفسرها بما يدل عليها، فإن من المستحيل على من يريد ترجمة القرآن أن يجد الكلمة المعبرة عن المعنى القرآني فضلا عن استحالة الحفاظ على روعة الألفاظ القرآنية التي تعتبر من مظاهر الإعجاز القرآني.