وفي كل القصص تبرز معاني إنسانية عظيمة الأهمية في حياة البشر، فهناك الصراع بين الحق والباطل، وهناك عواطف البشر تطفو على السطح متحدية قيم المجتمع مؤكدة أن الإنسان لا يملك ذاته وهناك الظلم الطاغي الذي سلطه الطغاة على المستضعفين.
ويمكننا أن نستنتج من كل قصة مواقف إنسانية، ففي قصة موسى وفرعون يتجسد الطغيان في أقسى صورة، وفرعون هو رمز لهذا الطغيان، فهو يستعبد الناس ويظلمهم، ويقتل من شاء، ولا تجد امرأة ضعيفة طريقا لإنقاذ وليدها الصغير إلا أن تلقيه في البحر وهذا أقسى حالات اليأس والقنوط والإذلال، ويأبى الله إلا أن ينتصر الحق وتتدخل القدرة الإلهية فتتعهد ذلك الطفل، وتجعله الأمل المرتجى لخلاص بني إسرائيل، وتبرز المعجزة كما حكاها القرآن، يكبر موسى، وتلتقطه امرأة فرعون لكي يكون قرة عين لها ولزوجها فإذا به الخصم العنيد الذي يحمل اللواء لتحرير الإنسان من الظلم، والعاقبة في كل المعارك للحق والعدل، ومهما طال ليل العبودية فالفجر هو الوليد المنتظر بعد كل ظلام، ويحمل موسى أمانة التكليف ويواجه فرعون وقومه ويتحداهم في عقر دارهم، ويطارد استقرارهم وأمنهم، وينغص عليهم عيشهم، ويقع الصدام ولا بد منه، ويقع التنكيل برموز الحق ودعاة الحرية، وهذا لا بد منه أيضا، وفي النهاية، ومهما طال الصراع، فالمواطن المظلوم سيقاوم من ظلمه
إلى أن يسترد حقه ويمارس حريته، وعظمة الرسل والأنبياء أنهم كانوا دائما إلى جانب الحق يدافعون عن حرية الإنسان وكرامته وينتصرون لمبادئ الفضيلة ويقاومون الكفر والشرك، ويعيدون المسيرة الإنسانية لطريقها الصحيح، كلما ضلت طريقها.
وفي قصة يوسف تبرز النفس الإنسانية عارية مكشوفة، تحت تأثير الغرائز والشهوات، وليس أقسى على الإنسان من تحكم غرائزه والغريزة هي العدو الأول للإنسان، إذا تحكمت واستبدت، لأن الغريزة قوة عمياء متسلطة طاغية تتحكم في السلوك الإنساني وتقود الإنسان إلى أسوأ أنواع السلوك، فلا يتعقبه ضمير ولا