الخمر وإتيان الفواحش، وأكل مال اليتيم واضطهاد الرجل للمرأة.
ولم تكن المرحلة المكية مهيأة لوضع أسس نظام إسلامي، لغياب مكونات ذلك المجتمع، وكان لا بد من توسيع دائرة الدعوة، لكي ينصب الاهتمام أولا على إصلاح العقيدة، عن طريق المقارنة بين الإيمان والكفر، واستخدام العقل البشري كأداة للتمييز والترجيح، والعقل البشري قادر على أن يكتشف الحقيقة، ولهذا استعمل القرآن الكلمات المعبرة عن ثقة الدعوة الإسلامية بالعقل والعقلاء، والاحتكام إلى أهل البصيرة لكي يسلطوا الضوء على ذلك الصراع التاريخي بين الحق والباطل، والإيمان والكفر، والتوحيد والشرك، والفضيلة والرذيلة، ولا بد في النهاية من انتصار الحق والإيمان والتوحيد والفضيلة، مهما طال الزمن، لأن الاستقامة هي الأصل، والانحراف عن الأصل سرعان ما ينكشف أمره عند طلوع الفجر.
[خصائص الآيات المدنية:]
تتميز الآيات المدنية بخصائص تجسد واقع المجتمع الإسلامي الذي يواجه تحديات خارجية تستهدف كيانه ووجوده، وتحديات داخلية تستهدف تنظيم شئونه على قواعد ثابتة تحقق الانسجام بين مبادئ الإسلام وواقع المجتمع الإسلامي.
وكان من الضروري أن ينصرف الاهتمام إلى وضع أسس ذلك المجتمع، إذ لا يمكن لأي خطاب أن يتجاهل طبيعة المخاطب وهمومه ومشاغله وقضاياه، وجاءت الآيات المدنية معبرة عن قضايا المسلمين، منظمة شئونهم، مرشدة لهم لكي يختاروا الطريق السليم في التعامل لإرساء الحجر الأساسي في بناء المجتمع الإسلامي، منظمة أحكام الجهاد والمال والحكم والأسرة والعقوبات داعية المسلمين إلى التكافل المادي الذي هو أساس التناصر وعماد الأمن والاستقرار.
واختلف أسلوب الخطاب القرآني، واختلفت موضوعاته، وتوجه الخطاب إلى أهل المدينة من مؤمنين ومنافقين ويهود، مشجعا المؤمنين على الدفاع عن وجودهم وكيانهم، محذرا المنافقين من مغبة ما يفعلونه في الظلام من غدر