ناصحا إياهم بالتوبة والتزام طريق المؤمنين، وفي نفس الوقت اتجه الخطاب القرآني إلى اليهود، مبينا لهم زيف ما حرفوه من كتبهم وديانتهم، ذاما ما أخذوا أنفسهم به من غدر وخيانة، مشجعا لهم على الانضمام إلى مواكب الإيمان، مرحبا بكل من يعلن توبته وولاءه للإسلام.
ونستطيع أن نحدد خصائص الآيات المدنية بما يلي:
[١ - بيان أحكام التشريع]
من حدود وإرث ومعاملات مادية وبيان مناهج الحكم، ولهذا جاءت الآيات المدنية ذات طبيعة تشريعية مفصلة للأحكام مبينة للحقوق، وأسلوب البيان التشريعي لا بد فيه من الإطالة والتوضيح.
[٢ - وضوح أحكام الجهاد]
، والجهاد لم يكن مشروعا في مكة، وجاءت الآيات المدنية مفصلة لأحكام الجهاد والأسرى، مبينة أسباب الانتصار وأسباب الانتكاس، داعية المسلمين إلى الصبر والتضحية.
[٣ - توجيه الخطاب إلى المؤمنين]
، وخطاب المؤمنين يتطلب اختيار منهج التعليم والتوجيه والنصح والتكوين، ولهذا جاءت أحكام البيان التشريعي في إطار خطاب المؤمنين، وأحيانا يتضمن خطاب المؤمنين الشدة والتخويف والتحذير من غضب الله في حالة التقاعس عن أداء ما أمر الله به، أو ما نهى عنه، كما في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة: ٢٧٨ - ٢٧٩].
وهناك ملاحظات كثيرة لاحظها العلماء الذين درسوا الآيات المكية والمدنية من حيث ما اختصت به كل منهما من خصائص، وهذه الملاحظات مأخوذة من استقراء تلك الآيات، واستنتاج ما يغلب عليها.
ومع هذا فإننا نلاحظ وحدة النص القرآني من ناحية الأسلوب المعجز والتوجيه الحكيم والترغيب والترهيب، ودعوة الناس إلى الاحتكام إلى العقل وحسن فهم قيم الإسلام، والتمسك بعقيدة التوحيد التي تعتبر عماد العقيدة الإسلامية.
والقرآن تحكمه مقاصد وغايات، ويخاطب البشر جميعا، فيشتد الخطاب