مريم .. لقد نذرت للرحمن صوما .. أشارت إليه .. قالوا بسخرية: كيف نكلم من كان في المهد صبيّا؟ ..
فجأة .. ارتفع صوت الصبي من المهد .. قال:
إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (٣٠) وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا (٣١) وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا (٣٢) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا [مريم: ٣٠ - ٣٣].
ثم جاء التوجيه القرآني ...
ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ سُبْحانَهُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [مريم: ٣٥].
ونلاحظ أن الوصف القرآني معبر، فالكلمة دالة ناطقة حية .. مواقف ..
وصور .. وحالات انفعال .. وحوار .. كل ذلك يتم في آيات قليلة، كل كلمة معبرة .. لوحات متتابعة ... تعبر بالصورة الجميلة ... عن الحد ... والصورة جاءت في لفظة ...
... وفي قصة جديدة ..
يقف إبراهيم أمام أبيه ... باستعطاف ورجاء ..
- إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً ..
- يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا.
- يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا.
- يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا [مريم:
٤٢ - ٤٥].
وانتهى الحوار بجواب أبيه، كان قاسيا كل القسوة ... قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا (١).
(١) سورة مريم، الآية: ٤٧.