الأمصار الإسلامية نسخا معتمدة أجمعت الأمة على قبولها وصحتها وسلامة ما جاء فيها.
ومن أبرز ما كان يميز المصاحف العثمانية أنها كانت خالية من النقط والشكل والزركشة والنقوش، وجاءت روايات عن بعض العلماء السابقين في القرن الخامس والسادس تؤكد رؤيتهم لبعض المصاحف العثمانية، وقال ابن كثير صاحب التفسير المشهور وكتاب البداية والنهاية في التاريخ في كتابه فضائل القرآن: إنه رأى مصحف عثمان الموجود في الشام بجامع دمشق عند الركن شرقي المقصورة المعمورة بذكر الله، وكان قبل ذلك بمدينة طبرية ثم نقل منها إلى دمشق في حدود سنة ٥١٨ هـ، وقد وصفه بقوله: وقد رأيته كتابا عزيزا جليلا عظيما ضخما بخط حسن مبين قوي بحبر محكم في رق أظنه من جلود الإبل» (١).
وذكر ابن الجزري صاحب كتاب:«النشر في القراءات العشر» وابن فضل الله العمري صاحب: «مسالك الأبصار في ممالك الأمصار» إنهما رأيا المصحف الشامي.
وروى الدكتور صبحي الصالح في كتابه:«مباحث في علوم القرآن» أن بعض الباحثين يميل إلى أن هذا المصحف أمسى زمنا ما في حوزة قياصرة الروس في دار الكتب في لينينجراد ثم نقل إلى إنكلترا، وهناك فريق من الباحثين يرجح أن هذا المصحف بقي في مسجد دمشق حتى احترق فيه سنة ١٣١٠ هـ، ونقل الدكتور الصالح عن الدكتور يوسف العش أن أحد قضاة دمشق أخبره بأنه قد رأى المصحف الشامي قبل احتراقه، وكان محفوظا بالمقصورة وله بيت خشب.
وهناك مصاحف كثيرة في المكتبات الإسلامية وخزانات المساجد المشهورة يدعى المشرفون عليها أنها من المصاحف العثمانية، وبعضها واضح في عدم مطابقته لما كانت عليه المصاحف العثمانية، من حيث النقط والشكل والزركشة والفواصل، مما يؤكد أنه كتب بعد ذلك.
(١) انظر مباحث في علوم القرآن للدكتور صبحي الصالح، ص ٨٨.