للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

١٠ - من جوز السجع في القرآن فقد سلم بوقوع الخبط في طريقة النظم، ويكون قد استهان ببديع نظمه وعجيب تأليفه الذي وقع به التحدي.

وردّ بعض العلماء على ما ذهب إليه الباقلاني من مبالغة في نفي صفة السجع في القرآن، ولم يوافقوه فيما ذكره من حجج ليست مسلمة، وهي قابلة للنقاش، فالسجع ليس كله رذيلة وهو أمر تحكمه قواعد معروفة، ولو كان مذموما كله ما جاء في القرآن في بعض الآيات، وليس هناك ما يمنع القرآن من أن يستخدم السجع في بعض الأحيان من غير تكلف فيه لزيادة التأثير على السامع، وقال أبو الحسن القرطاجني: كيف يعاب السجع على الإطلاق وإنما أنزل القرآن على أساليب الفصيح من كلام العرب فوردت الفواصل بإزاء ورود الأسجاع.

والسجع المكروه والمذموم هو سجع الكهان، وهو سجع الجاهلية، والإسلام حارب الجاهلية وهدم قيمها الفاسدة، وقضى على ما ألفته من عادات ضارة، وسجع الكهان مما حاربه الإسلام ولكن السجع كأسلوب تعبيري ليس رذيلة، فإذا جاء من غير تكلف فهو من فصيح الكلام، وليس للسجع قاعدة ثابتة لا تتغير فإذا جاء السجع في بعض آيات القرآن فهو سجع محمود، ومن أساليب اللغة الفصيحة، ومن خصائص السجع القرآني أنه غير متكلف، وجميل التأليف وموسيقاه اللفظية مؤثرة ورائعة وليس له وزن واحد، وفاصلة ثابتة، فقد ينتقل من وزن إلى وزن مغاير، ومن فاصلة إلى أخرى، لتوضيح المعنى، ولإعطاء الإعجاز.

والسجع ليس هو أسلوب القرآن، فالقرآن لا يوصف بالسجع ولكن لا يمكن نفي السجع فيه، فالسجع موجود في القرآن، وهو من أساليب العرب، وجاء السجع في القرآن متميز الملامح مؤثرا، واستخدم القرآن أساليب أخرى لا توصف بالسجع، فالأسلوب يتغير بتغير المواقف والمقاصد، وهذا من الإعجاز، فالإعجاز هو اختيار الأسلوب الأفضل والأفصح والأجمل لتحقيق الهدف المنشود، من بيان حكم أو دعوة إلى إقناع أو تخويف أو ترغيب أو إيراد مثل أو إخبار عن أمم سابقة أو استنتاج عبرة.

<<  <   >  >>