وهنا تبرز الحكمة الربانية والتوجيه الإلهي ويتوجه الخطاب إلى «محمد» وإلى أصحابه وإلى كل المؤمنين، لكي يعلموا جيدا أن وعد الله حق والخطاب لأم موسى وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ.
ولكن المراد بهذا الخطاب كل مؤمن لكي يطمئن إلى وعد الله، فلا يخاف ولا يحزن، والعاقبة للمتقين، وختم القرآن هذه الآية التعليمية والتوجيهية بقوله:
وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ.
وتوقف المشهد الرابع .. انتهى بانتصار الحق، عاد الوليد إلى أمه بعد عاصفة من الأحداث المتتابعة المثيرة، المليئة بالمفاجئات والمواقف، ويتحرك الأبطال في حركة منتظمة دقيقة وكأنهم دمى صغيرة في يد قادرة تحركهم .. في آيات معدودات وكلمات مختارات معبرات، نعيش أحداثا جسيمة كبيرة مثيرة غامضة ..
وعد الله هو المنطلق .. إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ .. وكل شيء بعد ذلك يتحرك لكي يتحقق وعد الله .. وما أروع هذا التصوير لعظمة الأمر الإلهي ولعظمة الكون وهو يتحرك في حركة دقيقة محكمة لتنفيذ أمر الله، ولا يعلم أحد من شخصيات القصة أنه يتحرك بأمر الله، ولما يراد له، ويظن كل واحد أنه يتحرك بإرادته المطلقة فإذا هم يتحركون بإرادة الله، فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً، وبين الأحداث المتسارعة تبرز الحكمة من خلال كلمات موجزات معبرات إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ.
وتهدأ الأنفاس بعد تسارع، كانت تواكب الأحداث المثيرة بدهشة ورهبة وخوف، وأسدلت الستارة على أم موسى وهي تحتضن طفلها بعد أن عاد إليها وقد قرّت عينها به، وزال عنها الحزن واطمأنت بوعد الله، وآل فرعون وهم فرحون مبتهجون في هذا الولد الذي طمعوا في أن يكون قرة عين لهم عسى أن ينفعهم أو يتخذونه ولدا ..
وفجأة ترتفع الستارة من جديد على شاب قوي الساعد مفتول العضلات