وربما يعتبر من أهم وسائل الإقناع، ولهذا اتجه الحوار إلى مخاطبة العقول وطرح التساؤلات العقلية التي يمكن أن يثيرها العقل، وبخاصة في القضايا التي تتصل بالعقيدة والإيمان، وإذا لم يحقق الحوار في بعض المواطن أغراضه بطريقة مباشرة فإنه على الأقل يساعد العقل على تلمس بعض الحقائق الإيمانية التي لا تدرك إلا بالذوق الإيماني وصفاء النفس وطهارة النفس ونقاء الفطرة، والمنهج العقلي في القرآن واضح وبين، ويخاطب القرآن العقل البشري، وينيط به مهمة التفسير والفهم، ويجعل المخاطب الموثوق بحسن إدراكه وعمق فهمه والعقول السليمة تستجيب لمنهج القرآن في الحوار، لأن القرآن الذي يخاطب العقول لا يمكن أن يقرر حقائق منافية للعقول والقصة القرآنية هي إحدى أدوات القرآن للإقناع والتأثير.
ثانيا: استخدام اللغة لإحداث التأثير النفسي، ومفردات القرآن متميزة في قوة تأثيرها، وفي دقة تعبيرها، وفي إحداث التأثير المطلوب منها، ولو استبدلت لفظة قرآنية بأخرى لضعف التأثير واختل المعنى، وترهلت العبارة، ومن اليسير علينا أن ندرك عند قراءتنا للقرآن أثر اللفظة القرآنية في إحداث التأثير النفسي ولو حاولنا أن نعيد كتابة قصة يوسف، أو استبدال لفظة بأخرى من ألفاظ الحوار لفقدت هذه القصة كل تأثير، ولكانت مملة، لأن القصة معروفة، واللفظة القرآنية هي أداة التعبير المؤثر، حتى أن السامع عند ما يسمعها يظن أنه يسمعها لأول مرة، ويتأثر بها، واللفظة المفردة ليست لها قيمة متميزة إلا في إطار المكان الذي جاءت فيه من النظم والتركيب، ولو تتبعنا بعض الكلمات القرآنية لاكتشفنا عظمة النظم المؤثر.