للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

[٢٧٨ أ/ص]

(فقُلْتُ) لهما: (طَوَّفْتُمَانِى) بفتح الطاء وتشديد الواو من التطويف، يقال: طوَّف إذا أكثر الطواف, وهو الدوران، ويروي هذا اللفظ بالنون قبل الياء, وبالموحدة قبلها أيضًا (١) (اللَّيْلَةَ، فَأَخْبِرَانِى) بكسر الموحدة (عَمَّا رَأَيْتُ. قَالَا: نَعَمْ) نخبرك (أَمَّا) الرجل (الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشَقُّ شِدْقُهُ) بضم الياء وفتح الشين على البناء للمفعول و"شدقُه" بالرفع نائب عن فاعله (فَكَذَّابٌ يُحَدِّثُ بِالْكَذْبَةِ) بفتح الكاف / ويجوز كسرها (فَتُحْمَلُ عَنْهُ حَتَّى تَبْلُغَ الآفَاقَ) بتخفيف ميم "تحمل" على صيغة البناء للمفعول، والفاء في قوله: "فكذاب" جواب أما (فَيُصْنَعُ بِهِ) ما رأيت من شق شدقه (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) لما ينشأ من تلك الكذبة من المفاسد.

[١٢٢ ب/س]

(وَ) أما (الَّذِى رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ) على البناء للمفعول أيضًا (فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ، فَنَامَ عَنْهُ) أعرض عن تلاوته (بِاللَّيْلِ وَلَمْ يَعْمَلْ فِيهِ بِالنَّهَارِ) ظاهره أنه يعذب على ترك تلاوة القرآن بالليل, لكن يحتمل أن يكون التعذيب على مجموع الأمرين: ترك القرآن وترك العمل (يُفْعَلُ بِهِ) ما رأيت من الشدخ (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) لأن الإعراض/ عن القرآن مع حفظه جناية عظيمة؛ لأنه يوهم أنه رأى فيه ما يوجب الإعراض عنه, فلما أعرض عن أفضل الأشياء عوقب في أشرف أعضائه وهو الرأس.

(وَ) أما الفريق (الَّذِى رَأَيْتَهُ فِى الثَّقْبِ) ويروي "بالنقب" (فَهُمُ الزُّنَاةُ) جمع زان، وإنما قدّر قوله: "أما الفريق" لأنه قد يستشكل الأخبار عن الذي بقوله: هم الزناة، لا سيما والعائد الذي في قوله: رأيته، مفرد فروعي اللفظ تارة، والمعنى أخرى، وكذا الحال في تاليه. وأما تقدير "أما" فيه وفي سابقه ولاحقه فلمكان الفاء في الخبر فتدبر (٢).

(وَ) أما الفريق (الَّذَى رَأَيْتَهُ فِى النَّهَرِ آكِلُو الرِّبَا) ترك الفاء هنا تفننا وهو جائز كما في قوله (٣):"أما القتال لا قتال لديكم".


(١) عمدة القاري (٨/ ٢١٧).
(٢) مصابيح الجامع (٣/ ٣١٠).
(٣) جاء في شواهد التوضيح لابن مالك (ص: ١٩٥). ومن حذفها في الشعر قول الشاعر، الحارث بن خالد المخزومى: فأما القتال لا قتال لديكم. . . ولكن سيرًا في عراض المواكب.