للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ويمكن أن يقال: لما حذفت "أما" حذف مقتضاها وكذا الحال في قوله: (وَ) أما (الشَّيْخُ) الكائن (فِى أَصْلِ الشَّجَرَةِ إبراهيم) الخليل (- عليه السلام - وَالصِّبْيَانُ) الكائنون (حَوْلَهُ فَأَوْلَادُ النَّاسِ) عام يشمل أولاد المؤمنين والكافرين.

وهذا هو موضع الترجمة. وفي التعبير: "وأما الولدان حوله فكل مولود مات على الفطرة. قال: فقال بعض المسلمين: يا رسول الله وأولاد المشركين؟ قال: وأولاد المشركين" (١) وظاهره أنه - صلى الله عليه وسلم - ألحقهم بأولاد المسلمين في الآخرة, ولا يعارضه قوله: "من آبائهم"؛ لأن ذلك في حكم الدنيا.

[٢٧٩ أ/س]

(وَالَّذِى يُوقِدُ النَّارَ مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ. وَالدَّارُ الأُولَى الَّتِى دَخَلْتَ) فيها (دَارُ عَامَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَمَّا هَذِهِ الدَّارُ فَدَارُ الشُّهَدَاءِ) وهذا يدل على أن منازل الشهداء أرفع /من منازل عامة المؤمنين, ولا يلزم منه أن يكونوا أرفع درجة من الخليل - عليه الصلاة والسلام-؛ لاحتمال أن يكون إقامته في أصل الشجرة بسبب كفالته الولدان، ومنزلته في الجنة أعلى من منازل الشهداء بلا ريب، كما أن آدم - عليه الصلاة والسلام- في السماء الدنيا، لكونه يرى نسم بنيه من أهل الخير، ومن أهل الشر، فيضحك ويبكي، مع أن منزلته في عليين، فإذا كان يوم القيامة استقر كل منهم في منزلته.

وفيه إشارة إلى أنه الأصل في الملة ومن بعده من الموحدين فهو تابع له يصدون بتبعيته في الملة شجرة الإسلام ويدخلون الجنة بفضل الله سبحانه, ثم إنه اكتفى في دار الشهداء بذكر الشيوخ والشباب ولم يذكر النساء والصبيان؛ لأن الغالب أن الشهيد لا يكون إلا شيخًا أو شابًا لا امرأة أو صبيًا (٢).

(وَأَنَا جِبْرِيلُ، وَهَذَا مِيكَائِيلُ، فَارْفَعْ رَأْسَكَ، فَرَفَعْتُ رَأْسِى فَإِذَا فَوْقِى مِثْلُ السَّحَابِ. قَالَا: ذَاكَ) وفي رواية: "ذلك" باللام (٣) (مَنْزِلُكَ. قُلْتُ: دَعَانِى) أي: اتركاني وهو خطاب للملكين (أَدْخُلْ) مجزوم بالأمر (مَنْزِلِى. قَالَا: إِنَّهُ بَقِىَ لَكَ عُمْرٌ لَمْ تَسْتَكْمِلْهُ، فَلَوِ اسْتَكْمَلْتَ) أي: عمرك، وفي رواية: "فلو استكملته" (أَتَيْتَ مَنْزِلَكَ).


(١) صحيح البخاري، (٩/ ٤٤) (٧٠٤٧).
(٢) الكواكب الدراري (٧/ ١٥٦). وفتح الباري (١٢/ ٤٤٦)، وإرشاد الساري (٢/ ٤٧٤).
(٣) إرشاد الساري (٢/ ٤٧٤).