للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال المانعون: إن صلاته في المسجد كانت في أول الأمر فنسخت بخروجه إلى المصلّى, قال الطحاوي "في شرح معاني الآثار": ". . . فصار حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أَوْلى من حديث عائشة -رضي الله عنها- لأنّه ناسخ له, وفي إنكار من أنكر ذلك على عائشة -رضي الله عنها- وهم يومئذ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , دليل على أنّهم قد كانوا علموا في ذلك، خلاف ما علمت، ولولا ذلك لما أنكروا ذلك عليها" (١).

قال الإمام يوسف زاده (٢): وقال الكرماني، وتبعه العيني: أن الترجمة- أي: باب الصلاة على الجنائز بالمصلّى والمسجد - أعم من الإثبات والنفي, فلعل غرض البخاري إثبات الصلاة عليها في المصلى ونفيها في المسجد, بدليل تعيين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موضع الجنازة عند المسجد ولو جاز فيه لما عينه في خارجه, وما وقع من الصلاة على بعض الجنائز في المسجد كان لأمر عارض يقتضي ذلك. (٣) والله اعلم.

القول الثاني: الكراهة، وهو مذهب الحنفية والمالكية (٤).

واستدلوا بحديث النجاشي، وبقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من صلّى على جنازة في المسجد فلا أجر له", هذا الحديث رواه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة, عن أبي هريرة - رضي الله عنه - , قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من صلّى على ميّت في المسجد فلا شيء له" هذا لفظ أبي داود، ولفظ ابن ماجه "فليس له شيء" (٥).


(١) شرح معاني الآثار (١/ ٤٩٢) (٢٨٢٣).
(٢) بَابُ الصَّلَاةِ عَلَى الجَنَائِزِ بِالْمُصَلَّى وَالمَسْجِدِ (ص:٦٧٧).
(٣) الكواكب الدراري (٧/ ١١٢)، وعمدة القاري (٨/ ١٣٢).
(٤) بداية المجتهد (١/ ٢٥٦)، والمغني (٢/ ٣٦٨)، والمجموع (٥/ ٢١٥)، والبناية شرح الهداية (٣/ ٢٢٩)، نيل الأوطار (٧/ ٣٧٩).
(٥) سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب الصلاة على الجنازة في المسجد (٣/ ٢٠٧) (٣١٩١). من طريق: مسدد، حدثنا يحيى، عن ابن أبي ذئب، حدثني صالح، مولى التوأمة، عن أبي هريرة، ولكن بلفظ: "من صلّى على جنازة في المسجد؛ فلا شيء عليه"، وصالح ضعيف فيما انفرد به، لا سيّما أنه خالف في روايته هذه حديثَ عائشة كما في صحيح مسلم (٢/ ٦٦٨) (٩٧٣)، وقد ضعّف هذا الحديثَ الأمامُ أحمد فيما حكاه النووي في "شرحه على صحيح مسلم (٧/ ٤٠). وقال ابن حجر في "التقريب" (ص: ٢٧٤) (٢٨٩٢): صالح مولى التوأمة صدوق اختلط [بآخره] قال ابن عدي: لا بأس برواية القدماء عنه كابن أبي ذئب وابن جريج. وهذا الحديث عن ابن أبي ذئب.