للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[٩٣ أ/ص]

وفي الحديث أيضًا: جواز الصلاة على الغائب، كما ذهب إليه الشافعي وأحمد، /قال النووي: فإن كان الميت في البلد، فالمذهب أنه لا يجوز أن يُصَلَّى عليه حتى يحضر عنده، وقيل: يجوز، وفي الرافعي ينبغي ألا يكون بين الإمام والميت أكثر من مائتي ذراع أو ثلثمائة تقريبًا (١).

قال الخطابي: النجاشي رجل مسلم قد آمن برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وصدق نبوته، إلا أنه كان يكتم إيمانه، والمسلم إذا مات وجب على المسلمين أن يصلوا عليه، إلا أنه كان بين ظهراني أهل الكفر، ولم يكن بحضرته من يقوم بحقه في الصلاة عليه، فلزم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفعل ذلك؛ إذ هو نبيه ووليه وأحق الناس به، فهذا -والله أعلم- هو السبب الذي دعاه إلى الصلاة عليه بظهر الغيب، فعلى هذا إذا مات المسلم ببلد من البلدان، وقد قضى حقه من الصلاة عليه؛ فإنه لا يصلي عليه من كان ببلد آخر غائبًا عنه، فإن علم أنه لم يصل عليه لعائق أو مانع عذر؛ كانت السنة أن يصلي عليه، ولا يترك ذلك؛ لبعد المسافة، فإذا صلوا عليه، استقبلوا القبلة، ولم يتوجهوا إلى بلد الميت إن كان في غير جهة القبلة.

وقد ذهب بعض العلماء إلى كراهة الصلاة على الميت الغائب، وزعموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان مخصوصًا بهذا الفعل؛ إذ كان في حكم المشاهد للنجاشي؛ لما رُوِي في بعض الأخبار: أنه قد سويت له الأرض؛ حتى يبصر مكانه، وهذا تأويل فاسد؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا فعل شيئًا من أفعال الشريعة كان علينا اتباعه، والايتساء به، والتخصيص لا يعلم إلا بدليل، ومما يبين ذلك أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج بالناس إلى المصلى، فصف بهم، وصلوا معهم، فعلم أن هذا التأويل فاسد. انتهى ما قاله الخطابي (٢).


(١) المجموع (٥/ ٢٠٥) وفتح العزيز بشرح الوجيز، الشرح الكبير: وهو شرح لكتاب الوجيز في الفقه الشافعي لأبي حامد الغزالي (المتوفى: ٥٠٥ هـ)، عبد الكريم بن محمد الرافعي القزويني (المتوفى: ٦٢٣ هـ)، دار الفكر (٥/ ١٩١). .
(٢) معالم السنن، وهو شرح سنن أبي داود، أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي المعروف بالخطابي (المتوفى: ٣٨٨ هـ)، المطبعة العلمية - حلب، الطبعة: الأولى ١٣٥١ هـ - ١٩٣٢ م (١/ ٣١٠_٣١١).