للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالإيمان والسلامة من المعاصي (١) (ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ، فَيَلِجَ النَّارَ) أي: فيدخلها بنصب المضارع؛ لأنَّ المضارع ينصب بأن المقدرة بعد الفاء بعد النفي.

وحكى الطيبي: إنما تنصب الفاء الفعل المضارع بتقدير: أن إذا كان ما قبلها سببًا لما بعدها، وليس هنا موت الأولاد ولا عدمه سببًا لولوج أبيهم النار (٢)، وبيان ذلك كما نبه عليه صاحب (المصابيح) في شرح (الجامع): أنَّك تعمد إلى الفعل الذي هو غير موجب؛ فتجعله موجبًا، وتدخل عليه إن الشرطية، وتجعل الفاء، وما بعدها من الفعل جوابًا، كما تقولُ في قوله -تعالى-: {وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي) [طه: ٨١] إن تطغوا فيه، فحلول الغضب /حاصل.

[١٠٢ أ/ص]

وفي قوله: ما تأتينا فتحدثنا أن تأتنا، فالحديث واقع هنا إذا قلت: أن يمت لمسلم ثلاثة من الولد، فولوج النار حاصل لم يستقم المعنى، قال الطيبي، وكذا الشيخ أكمل الدين، فالفاء هنا بمعنى الواو التي للجمع، والمعنى: لا يجتمع لمسلم موت ثلاثة من الولد، وولوجه النار.

[٤٦ ب/س]

ونظيره ما ورد: "ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض، ولا في السماء، وهو السميع العليم، فيضره شيء" (٣) بالنصب، والمعنى: ولا يجتمع قول عبد هذه الكلمات في هذين الوقتين، وضر شيء إياه، ثُمَّ قال الطيبي: إن كانت الرواية على النصب؛ /فلا محيد عن ذلك، وإن كانت على الرفع؛ فيدل على أنه لا يوجد ولوج النار عقيب موت الأولاد إلا مقدارًا يسيرًا. ومعني فاء التعقيب كمعنى الماضي في قوله -تعالى-: {وَنَادَى


(١) عمدة القاري (٨/ ٣٣).
(٢) شرح مشكاة المصابيح، شرف الدين الحسين بن عبد الله بن محمد الطيبي، تحقيق: د. عبدالحميد هنداوي، مكتبة نزار مصطفِي البازـ مكة المكرمة ـ الرياض، ط ١، ١٤١٧ ـ ١٩٩٧ (٤/ ١٤١٩ - ١٤٢٠)، ومبارق الأزهار شرح مشارق الأنوار، لابن الملك، تحقيق: أشرف بن عبدالمقصود، دار الجيل -بيروت، ط ١، ١٤١٥ - ١٩٩٥ (١/ ٥٧٧).
(٣) أخرجه الترمذي في سننه، أبواب الدعوات، باب ما جاء في الدعاء إذا أصبح وإذا أمسى (٥/ ٤٦٥) (٣٣٨٨) من طريق: عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، عن أبان بن عثمان، قال: سمعت عثمان بن عفان، وقال: «هذا حديث حسن صحيح غريب».