للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِلَاّ تَحِلَّةَ الْقَسَمِ) بفتح المثناة، وكسر المهملة، وتشديد اللام، أي: ما ينحل به القسم، وهو اليمين، وهو مصدر حلل اليمين، أي: كفرها، يُقال: حلل: تحليلًا، وتحلة، وتحلًا، بغير هاء، وهو شاذ يقول العرب ضربه تحليلًا؛ إذا لم يبالغ في ضربه، وهذا مثل في قليل المفرط القلة، وهو أن يباشر من الفعل الذي يقسم عليه المقدار الذي يبر قسمه به، كما إذا حلف على النزول بمكان؛ فوقع وقعة خفيفة أجزأته، فتلك تحلة قسمه، وقال أهل اللغة: يُقال فعلته تحلة القسم، أي: قدر ما حللت به يميني، ولم أبالغ (١).

وقال الخطابي: حَلَلْتُ القسم تحلّةً أي أبْرَرْتها (٢)، قال القرطبي: واختلف في المراد بهذا القسم، فقيل: هو معين، وقيل غير معين، وإنما معناه التقليل لأمر ولوجها، وهذا اللفظ يستعمل في هذا، يُقالُ: ما ينام فلان، إلا كتحليل الألية، ويُقال: ما ضربه إلا تحلة القسم؛ إذا لم يبالغ في الضرب، وقال جمهور العلماء: المراد به قوله -تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] (٣).

قال الخطابي: معناه لا يدخل النار؛ ليعاقب بها، ولكنه يدخلها مجتازًا، ولا يكون ذلك الجواز إلا قدر ما يحلل الرجل به يمينه (٤)، ويدل على ذلك ما رواه: عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري في آخر هذا الحديث "إلا تحلة القسم" يعني: الورود (٥).

وفي سنن سعيد بن منصور عن سفيان بن عيينة في آخره، ثُمَّ قرأ سفيان: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} ومِنْ طَريقِ زمعة بن صالح، عن الزهري في آخره، قيل: وما تحلة القسم، قال: قوله الله تعالى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} وكذا وقع في رواية كريمة: في أصل البخاري (٦).


(١) الصحاح في اللغة، مادة حلا (٥/ ١٩٠٢). وتاج العروس، مادة حلل (٢٨/ ٣٢٩). ومقايس اللغة مادة حل (٢/ ١٧).
(٢) أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي، تحقيق: محمد بن سعد بن عبد الرحمن آل سعود، ١٤٠٦ هـ (١/ ٣٢١).
(٣) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، كتاب البر والصلة، باب: من يموت له شيء من الولد فيحتسبهم (٦/ ٦٤٠).
(٤) أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، للإمام أبي سليمان حمد بن محمد الخطابي، (١/ ٣٢١).
(٥) مصنف عبدالرزاق، كتاب الجامع للإمام معمر بن راشد الأزدي رواية الإمام عبد الرزاق الصنعاني، باب من مات له ولد (١١/ ١٣٩)، (٢٠١٣٩) إسناده متصل، رجاله ثقات، رجاله رجال الشيخين.
(٦) فتح الباري (٣/ ١٢٤)، وعمدة القاري (٨/ ٣٤).