للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كالشهيد يأتي وأوداجُه تَشْخبُ دمًا، أو المعني: أنه يُحْشَرُ حال كونه قائلًا: "لبيك اللهم لبيك"، وفي (التوضيح) لابن الملقن، وفي رواية: ملبدًا، أي: حال كونه ملبدًا شعرَهُ بصمغ ونحوه (١).

واحتج بهذا الحديث: الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأهل الظاهر في أن المحرم يبقى على إحرامه بعد الموت، ولهذا يُحْرَمُ سِتْرُ رأْسِهِ وتَطَيُّبِهِ (٢)، وهو قول: عثمان، وعلي، وابن عباس - رضي الله عنهم -، وكذا قول عطاء، والثوري (٣).

وذهب أبو حنيفة ومالك والأوزاعي إلى: أنه يصنع به ما يصنع بالحلال (٤)، وهو مَرْويٌّ عن عائشةَ وابن عمرَ - رضي الله عنهم -، وكذا عن طاوس (٥)؛ لأنها عبادةٌ شُرِعَتْ للحيّ فبَطُلَتْ بالموت كالصلاة والصيام (٦)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث"، وإحرامه من عمله ولأن الإحرام لو بَقِيَ لَطِيفَ به وكَمُلَتْ مناسكُه (٧)، وأُجِيبَ: بأن ذلك ورد على خلاف الأصل؛ فيُقْتَصرُ به على مورد النص، ولا سيما قد وضح أن الحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام كاستبقاء دم الشهداء (٨)، ورُدَّ ذلك بأنه لا نسلم أنه ورد على خلاف الأصل، كيف وقد أمر بغسله بالماء والسِّدْر وهو الأصل في الموتى؟

وأما قوله: "ولا تحنطوا. . . . إلخ"؛ فهو مخصوص به، وفي قوله: والحكمة في ذلك استبقاء شعار الإحرام كاستبقاء دم الشهداء، رُدَّ عليه، وبيانُ ذلك: أن استبقاء دم الشهيد مخصوص به؛ فكذلك استبقاء شعار الإحرام مخصوص بالوقوص.


(١) التوضيح (٩/ ٤٧٤).
(٢) المجموع (٥/ ١٦١)، والمغني (٣/ ١٥٢).
(٣) روى عن بعضهم ابن أبي شيبة في مصنفه، في كتاب الحج، في المحرم يموت يغطى رأسه (٣/ ٣٠٣ - ٣٠٤)، (١٤٤٢٩ - ١٤٤٣٩).
(٤) المبسوط (٢/ ٥٣).
(٥) روى عنهم ابن أبي شيبة في مصنفه، في كتاب الحج، في المحرم يموت يغطى رأسه (٣/ ٣٠٣ - ٣٠٤) (١٤٤٣٢ - ١٤٤٣٤).
(٦) التوضيح (٩/ ٤٧٤).
(٧) ينظر عمدة القاري (٨/ ٥١).
(٨) فتح الباري (٣/ ١٣٧).