للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"أن"، {مِنْهُ شَيْءٌ} [فاطر: ١٨]، ولو كان أي: المدعو المفهوم من قوله: " وإن تدع مثقلة"، وإنما ترك ذكره؛ ليعمّ كلّ مدعو، واستقام إضمار العام مع أنّه لا يصح أن يكون العام ذا قربى للمثقلة؛ لأنّه من العموم الكائن على البدل لا على الشمول.

"ذا قربى"، أي: ذا قرابتها من أب أو أم أو ولد أو أخ، وهذا يدلّ على ألا غياث يومئذ لمن استغاث من الكفار، حتى إن نفسًا قد أثقلتها الأوزار لو دعت إلى أن يخفف بعض وقرها لم تجب ولم تغث، وموقع التشبيه بين الآيتين أنّ الأولى دلت على أنّ النفس المذنبة لا يؤاخذ غيرها بذنبها، فكذلك الثانية دلت على أن النفس المذنبة لا يحمل عنها غيرها شيئًا من ذنوبها ولو طلبت ذلك ودعت إليه.

وأمّا قوله تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ} [العنكبوت: ١٣]، ففي الضالين المضلين، وإنّهم يحملون أثقال أضلال الناس مع أثقال ضلالهم، وذلك كله أوزارهم ما فيها شيء من وزر غيرهم، ألا ترى كيف كذّبهم الله تعالى في قولهم: {اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ} بقوله: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} [العنكبوت: ١٢].

[٦٠ ب/س]

ثم قوله وهو كقوله: {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ} إلى آخره، إنّما وقع في رواية / أبي ذر وحده، كما قاله الحافظ العسقلاني (١).

(وَمَا يُرَخَّصُ مِنَ الْبُكَاءِ) في المصيبة (فِى غَيْرِ نَوْحٍ) هذا عطف على أول الترجمة، وقال الكرماني: أو هو عطف على "كما قالت"، أي: فهو كما يرخص في عدم العذاب (٢)، وكلمة "ما" يجوز أن يكون موصولة، وأن تكون مصدرية.

وترخيص البكاء في غير نوح جاء في حديث أخرجه الطبراني في "الكبير" بإسناده إلى عامر بن سعد قال: دخلت عرشًا، وفيه: قرظة بن كعب، وأبو مسعود الأنصاري، فذكر حديثًا لهما وفيه


(١) فتح الباري (٣/ ١٥٢).
(٢) الكواكب الدراري (٧/ ٨٠).