للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال ابن بطال: أتى سعد حين كان أميرًا على العراق بقوم ارتدوا، فاستتابهم فتاب بعضهم وأصرّ بعضهم فقتلهم، فانتفع به من تاب، وتضرّر به الآخرون (١).

وهذا من معجزاته - صلى الله عليه وسلم -، حيث وقع الأمر على ما أخبر.

ثم إن كلمة "لعلّ" معناها الترجي، لكن إذا أوردت عن الله أو رسوله تكون للتحقيق.

[١٥٣ أ/ص]

وقال البدر الدماميني: / وفي الحديث دخول "أن" على خبر لعل، وهو قليل، فيحتاج إلى التأويل (٢)، انتهى، وقد أشرنا إليه.

(اللَّهُمَّ أَمْضِ) بقطع الهمزة، من الإمضاء، ويقال: أمضيت الأمر أي: نفذتهم، أي: أتمم، (لأَصْحَابِى هِجْرَتَهُمْ) التي هاجروها من مكة إلى المدينة، (وَلَا تَرُدَّهُمْ عَلَى أَعْقَابِهِمْ) بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم المرضية، فيخيب قصدهم ويسوء حالهم، ويقال: لكلّ من رجع إلى حال دون ما كان عليه رجع على عقبيه وحار، ومنه الحديث "أعوذ بك من الحور بعد الكور" (٣) أي: من النقصان بعد الزيادة، وكانوا يكرهون الإقامة في الأرض التي هاجروا منها وتركوها لله تعالى مع حبهم الإقامة فيها بالطبع.

فمن ثمة خشي سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، أن يموت فيها وتوجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، لسعد بن خولة - رضي الله عنه -؛ لكونه مات بها حيث قال - صلى الله عليه وسلم -: (لَكِنِ الْبَائِسُ) بالموحدة والهمزة آخره سين مهملة الذي ناله البؤس، أي: شدة الفقر والحاجة أو الذي عليه أثر البؤس، وقد يكون بمعنى المفعول، كقوله: عيشة راضية.

(سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ) بالرفع على أنه خبر "لكن" بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو، وقيل: إنّه أسلم ولم يهاجر من مكة حتى مات، وذكره البخاري فيمن شهد بدرًا وغيرها، وتوفي بمكة في حجة الوداع (٤).


(١) شرح صحيح البخارى لابن بطال (٨/ ١٤٥)
(٢) مصابيح الجامع (٣/ ٢٤٧).
(٣) سنن الترمذي، أبواب الدعوات، باب ما يقول إذا خرج مسافرا (٥/ ٤٩٧)، (٣٤٣٩). من طريق حماد بن زيد، عن عاصم الأحول، عن عبد الله بن سرجس، وقال: "هذا حديث حسن صحيح".
(٤) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب فضل من شهد بدرا (٥/ ٨٠)، (٣٩٩١).