للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال القرطبي: وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه، وأحمد إسحاق ومالك في أحد قوليهما (١)، وقال زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: "لا يجوز لأحد أن يوصي بأكثر من ثلثه إذا كان بنون، أو ورث كلالة، أو ورثه جماعة المسلمين؛ لأنّ بيت مالهم عصبة من لا عصبة له، وإليه ذهب جماعة (٢).

وأجمع فقهاء الأمصار: أن الوصية بأكثر من الثلث إذا أجازها الورثة جازت وإن لم يجزها الورثة لم يجز منها إلا الثلث (٣)، وأبى ذلك أهل الظاهر فمنعوها وإن أجازها الورثة (٤)، وهو قول عبدالرحمن بن كيسان، وكذلك قالوا: إن الوصية للوارث لا يجوز، وإن أجازها الورثة، لحديث "لا وصية لوارث" (٥)، وسائر الفقهاء يجيزون ذلك إذا أجازها الورثة، ويجعلونها هبة (٦).

وفي الحديث: دلالة على أن الثلث هو الغاية ينتهي إليها الوصية، وإن النقص عنه أفضل، ذكره جماعة من أهل العلم (٧).

قال طاوس: إذا كانت ورثته قليلًا وماله كثيرًا فلا بأس أن يبلغ الثلث (٨)، واستحب طائفة الوصية بالربع، وهو مروي عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وقال إسحاق: السنة الربع لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "الثلث


(١) المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (٤/ ٥٤٤).
(٢) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (٨/ ٣٨٠).
(٣) الإجماع لابن المنذر (٧٧).
(٤) المحلى (٨/ ٣٥٦).
(٥) أخرجه النسائي في سننه، كتاب الوصايا باب: إبطال الوصية للوارث (٦/ ٢٤٧) (٣٦٤١) من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن عمرو بن خارجة، إسناده صحيح ورجاله ثقات، وأخرجه الترمذي في سننه، أبواب الوصايا باب ما جاء لا وصية لوارث (٤/ ٤٣٤) (٢١٢١) بهذا الإسناد وقال: هذا حديث حسن صحيح.
المحلى (٨/ ٣٥٦).
(٦) الإجماع لابن المنذر (٧٧).
(٧) روضة الطالبين وعمدة المفتين، أبو زكريا محيي الدين يحيى بن شرف النووي (المتوفى: ٦٧٦ هـ) تحقيق: زهير الشاويش، المكتب الإسلامي، بيروت- دمشق- عمان، الطبعة: الثالثة، ١٤١٢ هـ / ١٩٩١ م (٦/ ١٢٢).
(٨) مصنف عبد الرزاق، كتاب الوصايا، الرجل يوصي وماله قليل (٩/ ٦٣)، (١٦٣٥٦)