للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَقَوْلِهِ تَعَالَى) بالجر عطفًا على الصبر, أي: وباب قوله تعالى: (وَاسْتَعِينُوا) على حوائجكم (بِالصَّبْرِ) أي: بانتظار النجح والفرج, فتوكلا على الله تعالى, أو على ما يستقبلكم من أنواع المكاره والبلايا بالصبر, أي: حبس النفس على ما تكره من غير جزع ولا فزع.

[٧١ ب/ص]

(وَالصَّلَاةِ) أي: بالالتجاء إليها, فإنها جامعة لأنواع العبادات/ النفسانية والبدنية والمالية, من الطهارات وستر العورة وصرف المال فيهما, والتوجه إلى الكعبة, والعكوف للعبادة, وإظهار الخشوع بالجوارح, وإخلاص النية بالقلب, ومجاهدة الشيطان, ومناجاة الحقّ, وقراءة القران والتكلم بالشهادتين, وكفّ النفس عن الأطيبين, ولما كان فيها هذه الخصائل كانت معونة على ما تنازع إليه النفس من حبّ الرياسة, وغيرها وعلى ما تكرهه من البلايا.

وقيل المراد: بالصبر في الآية الصوم الذي هو صبر على المفطرات، لمِا فيه من كسر الشهوة وتصفية النفس قاله مجاهد (١).

[١٦٣ أ/س]

(وَإِنَّهَا) أي: الاستعانة بهما, أو الصلاة وتخصيصًا برد الضمير إليها لتعظيم شأنها, واستجماعها ضروبًا من الصبر, (لَكَبِيرَةٌ) شديدة ثقيلة /شاقة, (إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ) [البقرة: ٤٥] , المتواضعين المخبتين الذليلة قلوبهم، قيل: الخاشع الذي يرى أثر الذل والخضوع عليه، والخشوع في اللغة: السكون (٢). قال الله تعالى: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ} [طه: ١٠٨] وقيل: الخشوع هيئة في النفس يظهر منها في الجوارح سكون وتواضع, وقيل: الخشوع في الصوت والبصر، والخضوع في البدن (٣).

وأخرج أبو داود بإسناد حسن, عن حذيفة - رضي الله عنه - , قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , إذا حزبه أمر صلى" (٤).


(١) إرشاد الساري (٢/ ٤١٣).
(٢) العين [باب العين والخاء والشين] (١/ ١١٢).
(٣) عمدة القاري (٨/ ١٠٠).
(٤) سنن أبي داود، أبواب قيام الليل، باب وقت قيام النبي - صلى الله عليه وسلم - من الليل، (٢/ ٣٥) (١٣١٩)، من طريق محمد بن عيسى، حدثنا يحيي بن زكريا، عن عكرمة بن عمار، عن محمد بن عبد الله الدؤلي، عن عبد العزيز ابن أخي حذيفة، عن حذيفة، إسناده حسن، من أجل محمد بن عبد الله الدؤلي، قال ابن حجر في "التقريب" (ص: ٤٨٩) (٦٠٤٢): مقبول الحديث. وأخرج أحمد (١٨٩٣٧) بإسناد صحيح من حديث صهيب الرومي، وفيه فيما حكاه النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نبيّ من الأنبياء السابقين: فقام إلى الصلاة، وكانوا إذا فزعوا، فزعوا إلى الصلاة.