للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وروى الطبريّ في "تفسيره", بإسناد حسن, عن ابن عباس - رضي الله عنهما - , أنّه نعى أخوه قثم, وهو في سفر، فاسترجع, ثم تنحّى عن الطريق، فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام وهو يقول: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ} (١). ومن أسرار الصلاة أنها تعين على الصبر لما فيها من الذكر والدعاء والخضوع كما مر.

وقال الطبري: الصبر منع النفس محابها وكفّها عن هواها, ولذلك قيل: لمن لم يخرج، صابر لكفه نفسه, وقيل لرمضان: شهر الصبر لكف الصائم نفسه عن المطعم والمشرب (٢)

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ) بفتح الموحدة وتشديد المعجمة, (قال: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ) بضم الغين المعجمة, هو لقب محمد بن جعفر, (قال: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) أي: ابن الحجاج (عَنْ ثَابِتٍ) البناني.

[١٦٣ أ/ص]

(قَالَ سَمِعْتُ أَنَسًا) هو: ابن مالك - رضي الله عنه - , يروي (عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - , قَالَ: الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى.) يعني: أن الصبر المحمود هو ما كان عند مفاجأة المصيبة, فإن مفاجأة المصيبة بغتة تزعزع القلب، وتزعجه بصدمتها، فإن صبر للصدمة الأولى انكسرت حدتها، وضعفت قوتها، فهان عليه استدامة الصبر، فأمّا إذا طالت الأيام على المصاب، وقع السلو وصار الصبر، حينئذ طبعًا، فلا يؤجر عليه مثل ذلك، والصابر على الحقيقة من صبر نفسه، وحبسها عن شهواتها، وقهرها عن الحزن والجزع، والبكاء الذي فيه راحة النفس، وإطفاء نار الحزن، فإذا قابل سورة الحزن وهجومه، بالصبر الجميل، وتحقق أن لا خروج له عن قضائه تعالى، وأنّه يرجع إليه, وعلم يقينًا أن الآجال لا تقديم فيها ولا تأخير، وأن المقادير بيده تعالى, ومنه استحق حينئذ جزيل الأجر، /فضلًا منه تعالى. وعدّ من الصابرين الذين وعدهم الله بالمغفرة والرحمة.


(١) تفسير الطبري (١/ ٦٢٠)، من طريق ابن علية، قال: حدثنا عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه: أن ابن عباس، إسناده حسن.
(٢) تفسير الطبري (١/ ٦١٧).