للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لحربه- واجتمعت قريش ومن أطاعها من القبائل ومن تبعها من كنانة وأهل تهامة وغيرهم, ورأس فيهم أبو سفيان؛ لموت أكابرهم, وكتب العباس إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يخبرهم, فخرج أبو سفيان قائدًا

للناس بهند بنت عتبة, وكذا خرج جمع قريش بنسائهم, معهم الدفوف يبكين قتلى بدر, وهمت هند -وهم بالأبواء- تنبش قبر آمنة أم المصطفي - صلى الله عليه وسلم - , فقالت قريش: "لا يفتح هذا الباب /إذن تنبش موتانا" وقال جبير بن مطعم لغلامه وحشي: إن قتلت حمزة عم محمد بعمي طعيمة بن عدي- وكان قد قتله حمزة يوم بدر- فأنت عتيق.

[٢١٩ أ/س]

فأقبلوا حتى نزلوا بالعريض فسرحوا خيلهم في الزرع فتركوه ليس به خضر، ثم نزلوا بعينين تثنية عين جبل ببطن السنجة مقابل المدينة يوم الأربعاء, فلما سمع بهم المصطفى - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني رأيت والله خيرًا؛ رأيت بقرًا تذبح وفي ذباب سيفي -أي في طرفه- ثلمًا؛ فأما البقر فناس من أصحابي يقتلون, وأما الثلم فرجل من أهل بيتي يُقتل, ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة, فإن رأيتم أن تقيموا بها وتدعوهم حيث نزلوا هم فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن دخلوا علينا قاتلناهم في الأزقة, فنحن أعلم بها منهم, ورماهم الصبيان والنساء بالحجارة من الحصون (١) "

وكان يكره الخروج فقال رجال من المسلمين منهم حمزة وسعد بن عبادة: "اخرُجْ بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم"وقال ابن أبّي: لا تخرج, فإنما خرجنا منها إلى عدو قط إلا أصاب منا, ولا دخلها علينا إلا أصبنا وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد دعاه ولم يدعه قط قبلها, فاستشاره ولم يزل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حب الخروج حتى دخل, فلبس لأمته بعد أن صلى الجمعة, ووعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد, وحزم وسطه بمنطقة في حمائل السيف واعْتَمَّ, وتقلد السيف وخرج, وندم الناس وقالوا: بئسما صنعنا؛ نشير على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والوحي يأتيه, ولم يكن ذلك لنا, فإن شئت فاقعد فقال: "دعوتكم إلى هذا فأبيتم. ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل" (٢).


(١) السيرة النبوية لابن هشام (٤/ ١١)، قال الزيلعي في" تخريج أحاديث الكشاف" (١/ ٢١٨) رواه البيهقي في دلائل النبوة بتغير يسير رواه في باب غزوة أحد، ورواه عبد الرزاق في مصنفه في المغازي في غزوة أحد حدثنا معمر عن الزهري عن عروة، وأخرجه ابن هشام في سيرته في غزوة أحد من قول ابن إسحاق بلفظ المصنف، ورواه الطبري في تفسيره من طريق ابن إسحاق بسند البيهقي.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام (٤/ ٩).