للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم ركب فرسه وتقلد الترس وأخذ قناة بيده وخرج في نحو ألف عسكر بالشيخين وهما أحلمان -بلفظ تثنية شيخ- سمي بشيخ وشيخة كانا هناك- فبات فيه فلما أصبح صلى الصبح وسار, فحينئذ انخذل عبدالله بن أُبيِّ بثلث الناس, وقال: ما ندري علام نقتل أنفسنا؟! فرجع بمن تبعه من

أهل النفاق, ومضى المصطفى - صلى الله عليه وسلم - حتى نزل الشعب * (١) من أُحُد يوم السبت للنصف من شوال, فجعل ظهره وعسكره إليه وقال: لا يقاتل أَحَدٌ حتى نأمره بالقتال. وتعبأ للقتال وهو في سبعمائة منهم مائة دارع, وأمَّر على الرماة عبدالله بن جبير, وهو معلم بثياب بيض وهم خمسون وقال: انضحوا عنا الخيل بالنبل لا يأتوننا من خلف. إن كانت لنا أو علينا فاثبُتْ مكانك لا نُؤتَيَنَّ من قِبَلِك, وظاهر المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بين درعين ودفع اللواء إلى مصعب بن عمير, ولم يكن مع المسلمين فرس إلا فرس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفرس أبي بردة, ولواء الخروج بيد [الخباب] (٢) بن المنذر أو سعد /بن عبادة فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يمشي على رجليه ويصف أصحابه للقتال كأنما يقوم بهم القدح إن رأى صدرًا خارجًا قال: تأخر.

[٢١٩ أ/ص]

[٩٦ ب/س]

وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف ومعهم مائتا فرس وسبعمْائة دارع قد جنبوها, فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل, وعلى القلب/ صفوان بن أمية أو عمرو بن العاص, وعلى الرماة عبدالله بن أبي ربيعة, فاقتتلوا حتى حمى الحرب وتبارز الفئتان وخرج رجل من الكفار فدعا إلى البراز وهو على جمل فأحجم عنه الناس, فوثب الزبير حتى استوى معه على بعيره ثم عانقه فاقتتلا فوقع البعير, فقال المصطفي - صلى الله عليه وسلم -: الذي يلي حضيض الأرض مقتول فوقع المشرك. ووقع الزبير عليه فذبحه, وقاتل حمزة - رضي الله عنه - حتى قتل أَحَد الذين يحملون اللواء. قال وحشيٌّ: ورأيت حمزة في عرض الناس كالجمل الأورق يهد الناس بسيفه هدًا ما يقوم له شيء, فإنى لأتهيَّأُ له أريده وأستتر منه بشجر أو حجر ليدنو مني؛ إذ تقدمني سباع بن عبد العزى, فلما رآه حمزة قال: هلم إلي يا ابن مقطعة البظور. وكانت أمه ختانة. فضربه فهززت حربتي فدفعتها إليه فوقعت في ثنيته حتى خرجت من بين رجليه, فأقبل نحوي فقلب فوقع, فأمهلته, حتى إذا مات جئت فأخذت حربتي ثم نحَّيْتُ إلى العسكر, ولم يكن لي بغيره حاجة؛ إنما قتلته لأعتق, وكان كيت وكيت, فانهزم المشركون وكان المسلمون يأخذون الغنائم.


(١) *الشعب ما بين الجبلين.
(٢) الحباب.