للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "اشتد غضب الله على من أدمى وجه رسوله" (١) وعند ابن عائذ من طريق الأوزاعي: " بلغنا أنه لما جرح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد أخذ شيئًا فجعل ينشِّف به دمه وقال: لو

وقع شيء منه على الأرض لنزل عليهم العذاب من السماء, ثم قال: اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون" (٢).

وفي رواية: "لو وقع شيء من قطرات الدم على الأرض لم ينبت عليها نبات، ولم يقع شيء منها على الأرض". فلما أرجف بقتله - صلى الله عليه وسلم -: انتهى أنس بن النضر إلى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وطلحة في رجال من المهاجرين والأنصار، وقد ألقوا ما بأيديهم، فقال: ما يجلسكم؟ قالوا: قتل محمد، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه" (٣) وفي رواية "قال: إن كان قتل محمد فإن رب محمد حيٌّ لا يموت. ثم قال أنس بن النضر: اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء، وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء. ثم شد بسيفه فاستقبل فقاتل حتى قتل" (٤) فوجد به بضع وثمانون جراحة.

ثم إنه انحازت إليه طائفة من المسلمين, وكان أول من عرف المصطفى - صلى الله عليه وسلم - بعد الهزيمة كعب بن مالك, قال: "عرفت عينيه يزهران تحت المغفر، فناديت بأعلى صوتي: يا معشر المسلمين أبشروا، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأشار إليَّ: أنصت، فلما عرفه المسلمون نهضوا إليه, فلامهم على هربهم, فقالوا: يا رسول الله فديناك بآبائنا وأمهاتنا أتانا خبر قتلك فرعبت قلوبنا فولينا مدبرين. فنزلت {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ} [آل عمران: ١٤٤] الآية. ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهض معهم نحو الشعب ومعه أبو بكر وعمر وعليٌّ وطلحة والزبير والحارث والصامت ورهط من المسلمين, فمكث فيه - صلى الله عليه وسلم - في يومه ذلك والتمس حمزة - رضي الله عنه - فوجده بقر بطنه عن كبده ومُثِّلَ به فجدع أنفه وأذناه, فقال - صلى الله عليه وسلم -: لولا أن تحزن صفية بنت عبد المطلب -وكان حمزة أخاها لأب وأم- وتكون سنة بعدي, لتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير, ولئن أظهرني الله على قريش لأُمَثِّلَنَّ بسبعين منهم. فلما


(١) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من الجراح يوم أحد، (٥/ ١٠١) (٤٠٧٦).
(٢) أخرجه الطبرانى فى «الكبير» (٦/ ١٢٠) (٥٦٩٣)، من حديث سهل بن سعد الساعدى.، وفتح الباري (٧/ ٣٧٢).
(٣) أخرجه الطبري في تاريخه (٢/ ٥١٧).
(٤) تفسير الطبري (٦/ ٩٩) تقدم تخريجه في (ص: ٢١٣).