للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ الْبَوْلِ) يحتمل أن يكون على حقيقته من الاستتار عن الأعين فيكون العذاب على كشف العورة، أو على المجاز والمراد التنزه والتوقي من البول بعد ملابسته. ويؤيده رواية: "لا يستنزه" (١) وإن كان الأصل الحقيقة.

(وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِى بِالنَّمِيمَةِ) المحرمة، وأما ما كان للنصيحة لدفع مفسدة فهو جائز، والباء في قوله: بالنميمة للمصاحبة أي: يسير في الناس متصفًا بهذه الصفة أو للسببية أي: يمشي بسبب ذلك (٢).

(ثُمَّ أَخَذَ) - صلى الله عليه وسلم - (جَرِيدَةً رَطْبَةً فَشَقَّهَا بِنِصْفَيْنِ) قال الزركشي: دخلت الباء على المفعول زائدة (٣).

وتعقب * (٤) بأنا لا نسلم أن نصفين مفعول لأن "شق" إنما يتعدى إلى مفعول واحد، وليس هذا من مواضع زيادة الباء؛ بل الباء للمصاحبة، وهو ظرف مستقر منصوب المحل على الحالية، أي: فشقها ملتبسة بنصفين, ولا مانع من أن يجتمع الشق, وكونها ذات نصفين في حال واحد، وليس المراد أن انقسامها إلى نصفين كان ثابتًا قبل الشق وإنما هو معه وبسببه, ومنه قوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ} [النحل: ١٢] (٥).

[٢٤٨ أ/س]

(ثُمَّ غَرَزَ فِى كُلِّ قَبْرٍ) منهما (وَاحِدَةً. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ صَنَعْتَ هَذَا فَقَالَ: لَعَلَّهُ أَنْ يُخَفَّفَ عَنْهُمَا) يعنى العذاب (مَا لَمْ يَيْبَسَا) أي: مدة /عدم يبس العودين, ولعل بمعنى: عسى؛ فلذا استعمل استعماله في اقترانه بأن، وإن كان الغالب في "لعل" التجرد. وليس في الجريد معنى يخصه، ولا في الرطب معنى ليس في اليابس، وإنما ذلك ببركة يده الكريمة - صلى الله عليه وسلم - (٦).


(١) صحيح مسلم، كتاب الطهارة، باب الدليل على نجاسة البول ووجوب الاستبراء منه (١/ ٢٤١) (٢٩٢).
(٢) إرشاد الساري (٢/ ٤٥٣).
(٣) التنقيح لألفاظ الجامع الصحيح (٣٢٧).
(٤) * والمتعقب: هو صاحب مصابيح الجامع.
(٥) مصابيح الجامع (٣/ ٢٩٣).
(٦) إرشاد الساري (٢/ ٤٥٢).