للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(ثُمَّ شَهِدَ) بلفظ الماضي وفي رواية: "ثم يشهد". بلفظ المضارع عطف على قوله: "أقعد" (١) (أَنْ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) وفي رواية أبي الوليد الآتية: "المسلم إذا سئل في القبر: يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله" (٢)، والمسئول عنه محذوف؛ أي: عن ربه ونبيه ودينه.

[١١٤ ب/ص]

وفي رواية / الإسماعيلي قال: "إن المؤمن إذا شهد أن لا إله إلا الله وعرف محمدًا في قبره" (٣) وأخرجه ابن مردويه بلفظ: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكر عذاب القبر فقال: إن المسلم إذا شهد أن لا إله إلا الله وعرف أن محمدًا رسول الله" (٤).

(فَذَلِكَ) أي: قول المؤمن: لا إله إلا الله، هو: (قَوْلُهُ) تعالى ({يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ}) [إبراهيم: ٢٧] الذي ثبت بالحجة عندهم، وهي كلمة التوحيد؛ لأنها ثابتة راسخة في قلب المؤمن، وهو معتقد لحقيقتها، ومطمئن القلب بها.

وزاد في رواية أبي الوليد {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧] (٥)، وتثبيتهم في الدنيا أنهم إذا فتنوا في دينهم لم يزالوا عنها، وإن ألقوه في النار ولم يرتابوا بالشبهات. كما ثبت الذين فتنهم أصحاب الأخدود، والذين نشروا بالمنشار, ومشطت لحومهم بأمشاط الحديد، وكما ثبت جرجيس وشمسون وغيرهما ينظر، وتثبيتهم في الآخرة، أنهم إذا سئلوا في القبر لم يتوفوا في الجواب

وإذا سئلوا في الحشر وعند موقف الإشهاد عن معتقدهم ودينهم لم يدهشهم أهوال القيامة, وبالجملة فالمرء على قدر ثباته في الدنيا يكون ثباته في القبر وما بعده, وكلما كان أسرع إجابة كان أسرع تخلصًا من الأهوال (٦).


(١) عمدة القاري (٨/ ٢٠٠).
(٢) صحيح البخاري، كتاب التفسير، باب {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: ٢٧] (٦/ ٨٠) (٤٦٩٩).
(٣) أخرجه ابن حجر في فتح الباري (٣/ ٢٣٤).
(٤) أخرجه ابن حجر في فتح الباري (٣/ ٢٣٤)، من طريق أبي خليفة عن حفص بن عمر شيخ البخاري.
(٥) صحيح البخاري، (٦/ ٨٠) (٤٦٩٩).
(٦) الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل (٢/ ٥٥٤).