للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

/ (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ) هو ابن أبي شيبة بن إبراهيم الكوفي، قال: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) أي: ابن عيينة (عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ) عروة بن الزبير.

(عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: إِنَّمَا قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إِنَّهُمْ لَيَعْلَمُونَ الآنَ أَنَّ مَا كُنْتُ أَقُولُ حَقٌّ) وفي رواية: "أن ما كنت أقول لهم حق" (١)، وهذا مصير من عائشة - رضي الله عنها - إلى رد روايةابن عمر - رضي الله عنهما - المذكورة، ثم استدلت لما نفته بقولها: (وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى}) وخالفها الجمهور في ذلك, وقبلوا حديث ابن عمر، - رضي الله عنهما -، لموافقة رواية غيره.

[٢٦٢ أ/ص]

وقال السهيلي: عائشة - رضي الله عنها - لم تحضر قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، فغيرها ممن حضر أحفظ /للفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - , وقد قالوا له: يا رسول الله أتخاطب قومًا قد جيفوا؟ فقال: " ما أنتم بأسمع لما أقول منهم"، قال: وإذا جاز أن يكونوا في تلك الحال عالمَين، جاز أن يكونوا سامعِين، إما بآذان رؤوسهم، كما هو قول الجمهور، أو بأذن الروح على رأي من يوجه السؤال إلى الروح من غير رجوع إلى الجسد. قال: وأما الآية فإنها كقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} [الزُّخرُف: ٤٠] أي: أن الله هو الذي يسمع ويهدي. انتهى (٢).

قال الحافظ العسقلاني: وقوله: إنها لم تحضر. صحيح لكن لا يقدح ذلك في روايتها؛ لأنه مرسل صحابي, وهو محمول على أنه سمع ذلك ممن حضره أو من النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد, ولو كان ذلك قادحًا في روايتها لقدح في رواية ابن عمر - رضي الله عنهما -؛ فإنه لم يحضر أيضًا , ولا مانع أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - قال اللفظين معًا؛ فإنه لا تعارض بينهما (٣).

وقال ابن التين: لا معارضة بين حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - والآية؛ لأن الموتى لا يسمعون، بلا شك لكن إذا أراد الله إسماع ما ليس من شأنه السماع لم يمتنع، كقوله تعالى: {وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا}


(١) إرشاد الساري (٢/ ٤٦٢).
(٢) الروض الأُنُف (٥/ ١٠٥).
(٣) فتح الباري (٣/ ٢٣٥).